في الثامنة مع داود، ومساء ما قبل البارحة، استمعت مع الآلاف إلى تأكيد أحد الإخوة من مشرفي برنامج حساب المواطن أن باب الأفكار والآراء والمقترحات لا زال مفتوحاً أمام الجميع، وأن اللجنة المشرفة لا زالت تجمع وتتلقى من الجمهور حتى يصل هذا البرنامج إلى أفضل ما يمكن له خدمة للمواطن.
هو ذات الطرح الذي سمعته مباشرة من سمو الأمير محمد بن سلمان ليلة لقائنا الطويلة مع سموه حين أكد أن الفكرة برمتها آذان صاغية إلى كل رأي وفكرة موجبة تساهم في إنجاحها. وللوهلة الأولى، كنت أظن أنني شخصياً سأسكن تلقائيا مع الشريحة الرابعة من برنامج الدعم في هذا الحساب، لولا أن الجواب الصادم يكمن في أن بناء هذه الشرائح المختلفة جاء بناءً على مستوى الدخل الشهري لا الراتب.
أكثر من هذا ستكون العائلة كتلة واحدة مجتمعة في حساب الدخل الشهري، وهذا يعني أن زوجتي الموظفة هي بالضبط من ركلتنا إلى خارج الملعب ورمت بنا إلى خارج نطاق التغطية، عملياً، معي عشرات آلاف الأسر التي ينطبق عليها هذا التوصيف، طالما كانت مسطرة القياس هي الدخل الأسري الشامل لا راتب رب الأسرة، وهذا يعني انحسارا هائلا في نسبة المستفيدين من دعم حساب المواطن، وقد نتفاجأ في المستقبل القريب أنه اقتصر على عشر الشريحة الأولى بمثل هذه الحسبة.
وأنا مثل آلاف الأسر، أعيل اليوم عاطلين جامعيين عن العمل فهل سيدخلان نطاق حساب المواطن كفردين مستقلين أم مرة أخرى سينطبق عليهما سقف دخل الوالدين الشهري؟ جاري السابع، وبالمناسبة، معكم يذهب كل صباح إلى المدرسة مع زوجة تعمل بالقطاع الصحي وبدخل أسري يقرب من 25 ألف ريال، ولكن باستقطاعات قروض بنكية تقضم كل شهر نصف الدخل، فهل سيتكامل معهما نظام حساب المواطن على الأساسي النظري أم العملي لما تقبضه هذه الأسرة نهاية الشهر؟ وفي مثل ظروف هذا الجار، هناك آلاف الأسر التي تمضي حياتها بهذه الطريقة.
والخلاصة أن هناك حسابات معقدة تلبس عشرات القصص المختلفة المتشابكة، وأنا اليوم استطعت كتابة هذه النماذج من شارعي الوحيد القصير فكيف ببقية آلاف الشوارع ومئات آلاف الأسر الأخرى على خريطة حساب المواطن؟ ولعله من أجل هذا (أخذتها من قصيرها) فلم أذهب لفتح هذا الحساب لأنني على المستوى الشخصي والأسري ضحية دخل زوجة موظفة اشترط والدها رحمه الله قبل ربع قرن أن يكون راتبها ودخلها لها ثم كتبناه في عقد القران، فلا تقبل أخلاقي وقيمي الإخلال بهذا الشرط، لكن حساب المواطن نقض هذا الشرط المكتوب بالتقريب في كل عقد قران في هذا الوطن بإصراره على أن يكون الزوجان شراكة في شركة الدخل رغم حساباتنا البنكية المختلفة.
