شكرا للشخص المجهول الذي شاهد جريمة اعتداء على مواطن في ساعة مبكرة -قبل أيام- فتوقف بسيارته، ليفر اللصوص من موقع الجريمة، ويتركوا الضحية ملقى على الأرض.

حينما تجاوز صاحب السيارة المجهول، موقع الجريمة دون أن يتوقف زاد إحباطنا. حينما عاد إلى الخلف بسرعة أدركت أن الخير في هذا المجتمع قائم، ولن ينقطع بحول الله.

لا أعلم ما حجم السرقة ونوعها، ولا نتائجها، كل هذا لا يهم، الجرائم لن تنتهي من هذا الكوكب، والسرقة موجودة في خير القرون، وقائمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. الذي يستحق التعليق هو تصرف المواطن الإيحابي. ما قام به -فضلا عن كونه عملا أخلاقيا عظيما- هو ترجمة لشعار: المواطن هو جندي الأمن الأول.

الأمن إذا لم يعتمد على جهد المواطن سيظل ناقصا، مهما جندنا البشر وبذلنا الإمكانات. هذا هو الواقع. لا أمن دون مشاركة ووعي المواطن.

ولأن اللص يدرك أن رجل الأمن لن يحرس كل زاوية وكل منزل، قد يتجرأ على جريمته "عيني عينك" في النهار، لكن لو تيقن أن المواطن سيتحول إلى رجل أمن -كالشخص المجهول المشار إليه- لن يجرؤ على ارتكاب جريمته بهذه السهولة، وسيفكر طويلا قبل ارتكابها!

الذي أرجوه من وزارة الداخلية -مع كل التقدير لجهودها- هو إيجاد آلية واضحة لتكريم الذين يقدمون أعمالا جليلة تخدم الأمن، حينما نقوم بتكريم مواطن منع سرقة، أو تصدى لاعتداء على آخر، سيتشجع الآخرون على تطبيق شعار المواطن رجل الأمن الأول، وسننجح في إزالة "الصورة المشوهة" التي تقول: إن تدخلك لإنقاذ حياة إنسان سيوقعك في مشاكل أنت في غنىً عنها!

نعم، مرة ومرتين وثلاث، هناك أناس سلبيون تجاه ما يدور حولهم. لو "احترقت" البلد لا يهمهم شيء سوى أطراف أثوابهم، هل وصلتها النار أم لا!

لكن هؤلاء يجب أن يكونوا الاستثناء لا القاعدة. يقظة وحرص المواطن سيحدان من عدد من الظواهر الإجرامية. حتى هؤلاء المخالفين -أيا كانت المخالفة- حينما يدركون أنهم يعيشون في مجتمع يقظ ستضيق عليهم الدائرة!

الخلاصة: حينما تشاهد ما يستوجب "الفزعة" والإنقاذ، ولا تفعل شيئا؛ فأنت والله شخص سلبي، لا يهتم ولا يعنيه ما حوله. كل الأعذار التي تقنع نفسك بها هذه اللحظة، غير مقنعة لنا.