أعيش في عائلة مكونة من أربع أخوات وثلاثة إخوان، كل واحد منهم يتميز بشخصية مختلفة، اهتمامات مختلفة، ذوق مختلف، هوايات مختلفة. رغم أننا نشأنا وترعرعنا في المنزل نفسه والظروف نفسها.

لم يتدخل والدي ووالدتي يوما في مستقبل أحدنا، ولم يفرضا علينا رغباتهما. ولهذا أنا لست مؤمنا بتحديد مستقبل أطفالي، كما يفعل كثير من الآباء. ولا أريد أن أفرض عليهم رغباتي، فهم أيضا مختلفون عني، تماما كما نختلف أنا وإخوتي.

عندما أفكر في مستقبل أطفالي، فإن ما يهمني هو أن يكونوا سعداء بأي طريق يختارونه في حياتهم، حتى لو كان هذا الطريق بسيطا، وليس ذا حظوة في عيون الناس.

المشكلة الحقيقية، هي أننا نزرع في عقول أطفالنا ما نريده نحن لمستقبلهم وليس ما يريدونه هم!، وذلك للتباهي بهم أمام الناس: انظروا ابني طبيب، والآخر مهندس، وهذا طيار!

صرنا نتعامل مع أبنائنا كما نتعامل مع أشيائنا التي نقتنيها. أصبح مستقبل أطفالنا مثل ساعاتنا وسياراتنا ومقتنياتنا الثمينة التي غالبا نشتريها لنبهر بها الآخرين.

نحن لا نزرع في أبنائنا معنى السعادة، ولا نغرس فيهم أن السعادة تكمن في الطريق الذي يختارونه هم ويحبونه، ولذلك نجد الكثير ممن أجبروا على مستقبل ووظائف، فقط ليرضوا بها أهلهم.

هل يجب أن يكون ابني طبيبا أو مهندسا أو ضابطا ليكون سعيدا في حياته؟! وهل هذا يعني أن أبناء الآخرين ذوي الوظائف الأقل حظوة في عيون الناس غير سعداء؟!

كفوا عن التعامل مع أبنائكم وكأنهم أشياء، واتركوا لهم الحرية ليختاروا طريقهم ومستقبلهم الذي يرغبونه.