لا يمر يوم دون أن تسجل حالة عنف، سواء في دور الحماية أو المراكز الأمنية، وغالبية الضحايا من الأطفال والنساء "أخت ابنة أم زوجة"، وهم الفئة الأضعف في مجتمعنا مع الأسف، والتي يستسهل الجميع أذيتهم، حتى العمالة الوافدة إلينا تجدهم المغلوب على أمرهم، والتي تستطيع أن تفرغ في أجسادهم عقدها النفسية أو سلوكها الإجرامي، ولن نقف متسائلين عن السر في استهداف هذه الفئات باعتدائهم الوحشي، فهم عاينوا الوضع عن قرب في المنازل وحتى دور الإيواء التي عادة ما تحجز فيها بعض الحالات التي تستطيع أن تطلب المساعدة في حال تعرضت للتعنيف، وأشكال العنف في مجتمعنا لا تنحصر في الجسدي، بل هناك النفسي واللفظي ومصادرة الحقوق بحجة المعرفة بما هو مقبول اجتماعيا وما يعدّ معيبا، وهذا من وجهة نظرهم، وهناك حالات تعنف دون سبب فقط لأنها وجدت مع أشخاص إما معتلين نفسيا أو خلقيا، لذلك فالإيذاء يقع عليهم تبعا للحالة المزاجية لهؤلاء، والكارثة أن أكثرية الحالات المعنفة لا يعلم عنهم، ومن يستطيع منهم طلب النجدة قلة، بل هناك من يبتلع مأساته ويسكت عنها حتى لو أتيحت له فرصة تقديم شكوى، والسبب يعود للإرهاب الذي تعرضوا له، فباتوا ينظرون للآخرين أنهم على نفس القدر من القسوة أو أن الخوف بلغ بهم حد الصمت والإنكار، إنهم يتعرضون للتعنيف ممن حولهم، وكم هي الحالات التي نصادفها في المستشفيات أو مؤسسات العمل، أجسادها تنطق بما وقع عليها من عنف غير أنها تنكر البائن، محملة باب السيارة أو دولاب الغرفة الفعل المشين، ولو لاحظت أنك لم تقتنع بتبريرها توارت عنك أو أخذت موقفا عدائيا يمنعك من سؤالها مرة أخرى، في الماضي كان الرجل عندما يعنف امرأة يقف الجميع ضده، بل ينعت بعدم الرجولة التي تعيب عليه أن يرفع يده على امرأة هي لا تماثله في القوة الجسدية التي منحت له لحمايتها وليس للتجريب فيها، أما اليوم فالعنف وصل حدودا مرعبة لم يعد المعنف يراعي دينا ولا عرفا، فأصبح يتطاول على من حوله حتى أمه ليقترن العنف والعقوق. وقد سجلت حالات عديدة في هذا السياق، وكان اكتشافها بالصدفة، وهذا الأمر هو من ضمن الأشياء التي شجعت هؤلاء المجرمين على التمادي، لذلك لا بد من عقوبات صارمة تكون رادعا لمن يقدم على هذا الفعل مهما كانت درجة القرابة، لأن الدين لم يبح للإنسان أن يجرم في حق آخر، بل شدد على حفظ الحقوق وصيانة الأنفس حتى لغير المسلمين.