انتشرت بيننا مقولة.. الشباب السعودي عابث فوضوي، وخصوصا عندما يتعلق الأمر بالمنشآت العامة التي عادة ما يتردد عليها، مثل المدارس والجامعات والحدائق، وكل ما على هذه الشاكلة من المرافق العامة.
أعترف أنني نادرا ما أتردد على مثل هذه المرافق، وإن ذهبت إليها فلا أنظر في التفاصيل.
لكنني أكتشفت أننا أمام جيل حضاري خلاق أصبح لديه من الوعي ما يجعل هذه المرافق تبدو إليه ملكية خاصة أكثر من كونها أماكن عمومية أو حكومية.
قبل شهرين ذهبت إلى جامعة الملك سعود، وهي الصرح الذي بني في هيكله الأساسي قبل ثلاثين سنة، وذهب إليه مئات آلاف الطلاب خلال هذه الفترة.
وللصدمة الموجبة فإن معظم هذه المرافق التي زرتها في الجامعة لا زالت ولله الحمد تنعم بقدر واف من الاحترام، إذ لم أشاهد فيها ما يخدش النظر رغم أنها بيئة شبابية خالصة.
في المثال الثاني: زرت ما قبل الأمس مدينة الملك عبدالله الرياضية بجدة، وذهبت مبكرا جدا كي أتجول في معظم أنحاء الملعب الرئيسي بهدف المقارنة ما بين زمنين منذ افتتاح الملعب وحتى اللحظة، خرجت بانطباع مثالي عن وعي هؤلاء الشباب وهم بالآلاف في كل مرفق من مرافق هذه المدينة الرياضية، وجدت شبابا يحترم هذا المنجز المادي الضخم، وأكثر ما لفت الانتباه هو اختفاء الكتابة على الجدران والعبث بالمرافق الثانوية الخفية، والتي لا زالت حتى اللحظة بكامل الألق رغم ثلاثة أعوام على افتتاح هذا المشروع.
والحق أن شبابنا وهم الغالبية في هذين المرفقين برهنوا على أنهم يستحقون كل تلك الهدايا الوطنية الجبارة، وكل ما شهدته دليل على أن الشاب لن يكون عدوانيا إلا إذا فقد وسائط وأماكن ركني التعليم والترفيه اللذين يستحقهما، سيكون عدوانيا إذا ما رميناه في فصل ضيق بمدرسة مستأجرة، سيشعر أنه لا يمتلك المكان، وأن فقدان العلاقة الخاصة بينه وبين المنشأة سيكون في أوجه، إذا لم يحترم المكان إنسانيته وكرامته سيكون الطفل عدوانيا فوضويا، لم يجد وسائط الترفيه التي يستطيع فيها أن يمارس هواياته بعيدا عن الأرصفة والتسكع في الشوارع، بكل اختصار عندما تنشأ العلاقة بين المنشأة والفرد سيشعر الأخير أنه جزء أصيل من مكان يمتلكه.