إيمانويل ماكرون*


لقد ذهب عالم الأمس، وفي عالم اليوم يحتاج الناس في كل مكان إلى تحديد مستقبلهم.

فعلى سبيل المثال، التصويت داخل بريطانيا لمغادرتها الاتحاد الأوروبي، يجب أن ينظر إليه بمثابة تحذير من أولئك الذين يتحدون الاتحاد الأوروبي بقدر كبير. وإن التصويت ببساطة، لم يعكس عمق شكوك الاتحاد الأوروبي تجاه بريطانيا. لكن مرآة الاتحاد الأوروبي تعكس أنه تنظيم مختل وغير ملهم. لقد سمح التوافق المتساهل لأوروبا بأن تُحكم من قِبل نخبة سيادية إلى الأبد.

لذا، يجب أن نعيد بناء المؤسسات الديمقراطية في أوروبا، والتأكد من أن أي قوى جديدة على مستوى الاتحاد الأوروبي يجب أن تحظى بقبول شعوبها.

وفي الوقت ذاته، يجب علينا أن ندافع ونعزز الاتحاد ليكون قادرا على التواصل مع المواقع الدولية الأوروبية بصوت عال يكون مسموعا في الساحة العالمية. تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب المتعلقة بالاتحاد الأوروبي توضح مدى ضرورة هذه الآراء.

الرئيس الأميركي الجديد لا يخفي عزمه على اتباع أجندة حمائية، لكن الحمائية ما هي إلا توهم، وحالما يتم اتخاذ تدابيرها، ستجف التجارة وتتباطأ التنمية.

وفي خطابه الافتتاحي لرئاسته، ناشد ترمب "الناس المنسيين" باتباع الحمائية، رغم أنهم أساسا يواجهون معاناة أكثر.

في عالم الأمس، كانت السلامة الأوروبية تستند إلى الإستراتيجية الأميركية، وعلى الرغم من ذلك، أوضح ترمب أنه ينوي الحد من تورط الولايات المتحدة في الخارج.

اليوم، تواجه أوروبا عددا لا يستهان به من الأعداء، في حين أن التحالف غير مستقر، فلذا ينبغي ألا نفشل مرة أخرى.

يجب علينا إنشاء صندوق للدفاع الأوروبي، بمقر أبدي يكون مسؤولا عن تخطيط العمليات الدفاعية ورصدها، ويمكن أن تكون العلاقة الفرنسية-الألمانية حافزا قويا وكافيا للتأكد من أن أوروبا يمكنها أن تعمل بمصداقية وبنجاح في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا.

بعد صراع العالم الثاني، جاهدت أوروبا والولايات المتحدة بشكل جماعي لإعادة بناء القارة المحطمة، مما أتاح في نهاية المطاف تكوين الاتحاد الأوروبي.

وإنهما إضافة إلى ذلك تحالفتا للدفاع عن الديمقراطية الليبرالية ضد الشيوعية والشمولية، وفعلا ذلك أيضا في إطار المعركة ضد الإرهاب.

هذا إرث ثمين، وربما نصبح نحن الأوروبيين معزولين وحدنا، ويمكننا أن نغلق أعيننا ونتوهم بأننا نسكن في عالم الأمس، ويمكننا أيضا أن نتحمل المشاحنات والفتن بغرور السيادة الوهمية، أو أن نكون قادرين على تحديد أي عمل بشكل جماعي، وأن نشكل مستقبلنا.

*وزير الاقتصاد والصناعة  الفرنسي السابق - صحيفة (الفاينانشيال تايمز) - البريطانية