ربما "الأذن" هي الحاسة الوحيدة التي تعمل على مدار الساعة، ليلا.. نهارا.. عند النوم واليقظة.. في الأرض والجو.. لا تُفقد حاسة السمع إلا لأسباب صحية، ومن هنا تأتي خطورة التلوث السمعي!

أظن ولست خبيرا بما فيه الكفاية، أن التلوث السمعي يُشكل خطرا على صحة الإنسان.. يؤثر ويقتل بصمت، خاصة في هذا الزمن الذي انتشرت وتطورت أجهزة الصوتيات بشكل متسارع، وباتت الأماكن مغلقة أكثر من أي وقت مضى!

أستحضر عبارة قالها قبل سنوات الدكتور أحمد فتيحي يؤكد خلالها أن الضوضاء هي أخطر أنواع التلوث البيئي على صحة الإنسان، وأكثرها انتشارا، لكنها كثيرا ما تُهمَل ويُستهان بأضرارها لأنه لا طعم لها ولا لون ولا رائحة، ومصدرها أجهزة الصوت المستحدثة التي لم تكن تعرف في المجتمعات البيئية الطبيعية السابقة.

جلسنا بضعة أيام في عاصمة أوروبية، ولا أتذكر أنني سمعت منبه سيارة.. نزلنا القاهرة، سمعت من منبهات السيارات ما لا يحتمله إنسان!

أحيانا أقول إن منبهات السيارات صنعت خصيصا للعرب!

حتى وقت قريب -وهذه طرفة حقيقية- كان المنبه يستخدم في شوارعنا للسلام من بعيد، بل ورد السلام!

ويستخدم -تخيل- بدلا من جرس المنزل؛ اختصارا لعبارة "اطلع أنا عند الباب"!

طالعت قبل يومين قائمة بالمخالفات المرورية ولم أجد مخالفة استخدام منبه السيارة جوار المستشفيات والمدارس والمعاهد، أو حتى استخدامه دون مبرر!

أضم صوتي لصوت المطالبين بوضع قوانين للحد من التلوث السمعي.. الضجيج يحاصرنا من كل مكان.. في الأماكن العامة والشوارع، حتى آلات الحفر أصبحت تشتغل حسب مزاج المقاول!

يحكي لي أحد الطلبة المبتعثين أن صاحبة المنزل التي سكن عندها أثناء مرحلة دراسة اللغة أعطته تعليمات منذ اليوم الأول، من ضمنها عدم الاستحمام بعد منتصف الليل، لأن صوت الماء قد يسبب إزعاجا لبقية السكان!   

نحن لا نريد ذلك.. فقط نريد حماية المدارس والمستشفيات من منبهات السيارات، وتقييد آلات الحفر العملاقة التي تعمل جوار منازلنا تبعا لمزاج المقاول!