في الأسبوع الماضي أعلن أمير منطقة الرياض إنجاز أكثر من 45% من مترو الرياض، الذي يضم 8 محطات رئيسية و85 محطة فرعية، تربط بين 6 مسارات لتغطي معظم أنحاء العاصمة.
ويتزامن هذا الإعلان مع التقرير الصادر قبل أسبوعين عن الهيئة السعودية للإحصاء الذي أكد أن العاصمة الرياض شهدت خلال العقد الماضي قفزات متوالية في النمو السكاني بمعدل 4%، ليصل عدد السكان إلى 8 ملايين نسمة، بلغ عدد السعوديين منهم 4.5 ملايين نسمة، بينما بلغ عدد المقيمين 3.4 ملايين نسمة، لتعدّ الرياض اليوم واحدة من أسرع مدن العالم في النمو السكاني. وجاء هذا الإعلان بعد تأكيد إحصائيات مركز التعداد السكاني في الأمم المتحدة بأن عدد سكان المملكة، الذي كان لا يزيد عن 3 ملايين نسمة في عام 1950، قفز 10 أضعاف ليصل إلى 31 مليون نسمة في نهاية عام 2016، وسيتضاعف ليفوق 62 مليون نسمة في عام 2050، لتحتل المملكة المرتبة 29 في العالم في عدد السكان، وتتفوق بذلك على بريطانيا العظمى التي ستقع في المرتبة 30 بعدد 58 مليون نسمة. هذه الزيادة المتوقعة في عدد سكان المملكة سوف ينعكس على تضخم عدد سكان الرياض إلى أكثر من11 مليون نسمة بحلول عام 2030، ويتبع ذلك زيادة في عدد السيارات لتتضاعف خلال السنوات القادمة من 1.7 مليون إلى 3.8 ملايين سيارة، طبقاً للنمو المتصاعد في معادلة موقع الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض. لذا جاء مشروع الملك عبدالعزيز للنقل العام بمدينة الرياض في عام 2013 بتكلفة 22.5 مليار دولار لإنشاء شبكات نقل الحافلات ومترو الرياض بطاقة استيعابية أولية تساوي 1.2 مليون راكب يومياً لترتفع خلال عشر سنوات إلى 3.6 ملايين راكب يومياً. كما أن العاصمة الرياض حققت في نصف قرن نمواً حقيقياً ملموساً على مختلف المستويات يفوق ما حققه العديد من عواصم الدول الأخرى، فخلال 40 عاماً قفزت مساحة الرياض 31 ضعفاً، من 45 كيلومتر مربع في عام 1970 إلى 1435 كيلومتر مربع في العام الجاري، لتتفوق بذلك على مساحة جزيرة سنغافورة بأكثر من 3 أضعاف.
ولكي تتميز عاصمتنا الرياض بموقعها ضمن عواصم دول العالم الأول، وليس بمكانتها كأكبر المدن مساحةً وأكثرها سكاناً، فلا بد لنا من أخذ هذه الإحصائيات الواقعية بمحمل الجد، والبدء في تنفيذ خطة إستراتيجية طموحة بجهود حثيثة ومكثفة لتوفير الخدمات الأساسية لسكان العاصمة الرياض، وتحقيق أهدافها التنموية، وتعزيز موقعها الإستراتيجي، من خلال تنفيذ الخطوات الرئيسية التالية: أولاً: اعتماد المخطط العمراني الشامل، وتنسيق مجاله الحضري المتكامل، من خلال تحديد حدود الأحياء والبلديات، وتوزيع الخدمات الأساسية من مساجد ومدارس ومستشفيات وفروع المؤسسات العامة ضمن مخططاتها المعتمدة، وتوفير الخدمات التحتية الأساسية على أطرافها.
ثانياً: إلزام كافة المباني الجديدة، بما فيها المساجد والمجمعات التجارية والمباني المكتبية، بنظام "كود البناء" لترشيد استخدامات الطاقة والمياه والصرف الصحي، والاشتراط عليها بضرورة تأمين المواقف الخاصة للسيارات قبل الحصول على رخصة البناء.
ثالثاً: نقل مواقع الوزارات الخدمية والمؤسسات العامة الأخرى من وسط الرياض إلى ضواحيها، وربط فروعها داخل الأحياء والبلديات بشبكة من تقنية المعلومات لرفع كفاءة أدائها وتسهيل أمور مراجعيها وتيسير أعمالهم وتخفيف وتيرة تنقلاتهم.
رابعاً: تطوير مطار الملك خالد الدولي، وبناء مجمعات المؤتمرات والمعارض والفنادق الكبرى في محيطه، وربطها بمداخل المدرجات ومخارجها بشبكة من السيور المتحركة تحت الأرض لسهولة انتقال المسافرين وتأمين مواقف سياراتهم.
خامساً: تحقيق الأمن البيئي في المناطق الصناعية المحيطة بالعاصمة من خلال تطبيق برامج ومشاريع فرز المخلفات الصناعية عن النفايات المنزلية، وتوفير طرق التخلص منها وإعادة تدويرها، إضافةً إلى إزالة مخلفات البناء، وتسوير المواقع والأراضي الفضاء على حساب أصحابها، واستبدال أبراج الضغط العالي داخل العاصمة بخطوط الكهرباء الأرضية.
سادساً: توفير وسائل النقل العام السريع بين الأحياء والمدارس والجامعات والمستشفيات، وتنظيم مواقيتها ومواقفها المحددة ضمن منظومة متقنة ومتقدمة من الشركات المساهمة للنقل الجماعي رفيع المستوى، وذلك للتخلص من جحافل "المايكروباص" غير الحضارية وأسراب "الليموزين" المتهالكة.
سابعاً: تعميم البنية التحتية الذكية، التي بدأتها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض بالتعاون مع وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، والهادفة إلى نشر خدمات المعلوماتية وتطبيقاتها بين أفراد المجتمع ودعم تحويله إلى الاقتصاد المعرفي. وهذا يؤدي إلى توفير خدمات الاتصال المتطورة لجميع الأفراد وقطاع الأعمال في مختلف الأماكن العامة، بما فيها المطارات والمتنزهات والمكاتب والمستشفيات والجامعات والمدارس والمنازل، بالإضافة إلى توفير الخدمات الحكومية إلكترونياً بشكل آمن وميسر للمستخدمين عبر مواقع مقدمي هذه الخدمات المرخص لهم من الهيئة.
ثامناً: تنفيذ توصيات الهيــــئـة الـعــليــــا لتطـويـر مـديـنـة الريــاض بشأن الأمن المائي، الصادرة قبل 15 عاماً، التي أكدت على وجود أزمات حادة للمياه، وأوصت بعدد من الإجراءات لإدارة الطوارئ والمخاطر والتحسينات لتحديد أفضل السبل لمواجهة المشاكل الحالية لتوفر وتحسين مستوى الخدمة المقدمة لسكان مدينة الرياض. ولعل أهم ما جاء في هذه الدراسة أن العاصمة الرياض تحتاج يومياً إلى 3.1 ملايين متر مكعب من المياه، مما يتوجب إنشاء مخزون إستراتيجي للمياه وتوسعة طاقته الاستيعابية من نصف مليون متر مكعب إلى 10 ملايين متر مكعب من المياه العذبة يومياً.
وبهذه الخطوات نضع عاصمتنا الرياض في مصاف عواصم العالم الأول.