إن أُحسن تدريبها فستصبح الأسر المنتجة رافدا اقتصاديا مهما، ليس على مستوى صناعة وإنتاج الأطعمة، كما هو تركيزها حاليا، وإنما في مجالات حرفية عديدة، بعضها يشكل ثروة حقيقية مهددة بالاندثار، وهذه الأسر في حقيقة الأمر حظيت بدعم مادي ومعنوي من جهات عدة، ولعل وزارة العمل والتنمية هي أكثر الجهات دعما، حيث مولت العديد من الأسر عن طريق إعانات الضمان الاجتماعي ومراكز التنمية، وكثيرا ما تتابع وتشرف على مشاركاتها في المهرجانات والملتقيات، سواء على مستوى مناطقها أو في مشاركات خارجية، وإن كان هذا الجهد كبيرا، إلا أنه يحتاج إلى تعاون جهات أخرى أكثر تخصصية وأقدر إشرافا، قياسا على ما تشرف عليه من مهام لا توازي في ضخامتها من تعنى بالجانب التنموي والاجتماعي وسعودة الوظائف، إضافة للحماية والإيواء، وما يتبعها من مهام أخرى تتطلب جهدا وتركيزا.
لا شك أن هناك أسرا استفادت من الدعم المقدم، وحسنت إنتاجها، وسوقت له بشكل جيد، وأخرى لم تستفد، ولم توظف ما حصلت عليه من دعم مادي في تطوير ما لديها، بل اكتفت بشراء بضاعة مصنعة لا تميز فيها وبادرت ببيعها للمتسوقين تحت مسمى أسرة منتجة، وهنا يقع اللوم على بعض الجهات الرقابية التي تتساهل في الأمر، وتصب اهتمامها على عدد الأسر المشاركة فقط، دون الاهتمام أو المتابعة لما تروج له من بضاعة، وهل هي فعلا من أنتجتها أم لا، والكارثة أنها وهي تعلم بمخالفتها تقف معها معززة ومساندة، بل وتقدمها للمسؤول ووسائل الإعلام على أنها الأسر الفاعلة والمنتجة! وطبعا لا تخرج من هذا الموقف دون إشادة وشكر وتضخيم لدور أدته دون مهنية أو حتى استشعار للمسؤولية التي تقع على عاتقها في رفع مستوى الوعي بأهمية وجود أسر أو أفراد يسهمون في دفع عجلة التنمية الاقتصادية إلى الأمام.
والحقيقية أن لدينا تنوعا وروعة في الحرف والمصنوعات على مستوى الوطن، ينقص أصحابها التدريب والتطوير والرعاية بحيث نحافظ على هذا الحرف وتستثمرها الأسر فيما يخدمها بالدرجة الأولى، مما يسهم في دعم اقتصاد البلد كرافد إنتاجي جيد، وكم من الدول التي يقوم اقتصادها على هذه المنتوجات والحرف بحيث تشكل مع السياحة مداخيل مالية عالية، ويمكن لنا أن ننافس دولا تتفوق في هذا الجانب إذا أدركنا أهميتها وتولت الإشراف عليها جهات متخصصة ينصب اهتمامها على تدريب هذه الأسر، وكذلك أصحاب الحرف اليدوية التي كانوا يوما ما هم من يمولون الأسواق المحلية بما تحتاجه، دون الاعتماد على ما يأتي من الخارج.