لا يستفزني شيء قدر الأخبار التي تتحدث عن فرص وظيفية كبيرة مشغولة بالأجانب..
يتم سرد أرقام هائلة لوظائف يشغلها ملايين الأجانب في بلادنا، والمشكلة الأكبر أن بعض الجهات تريد أن تؤكد من خلال هذه الأرقام وحدها أن الشاب السعودي يأنف من بعض المهن ولا يرغب بها.. وهذا غير صحيح إطلاقاً، ولو تم تبيان هذه الوظائف وأماكنها ونوعيتها ومقدار أجورها لانكشف الستار عن كذبة كبيرة اسمها "وظائف يشغلها غير السعوديين"!
آخر بيانات وزارة العمل تقول إن هناك 6.89 ملايين موظف يعملون في منشآت القطاع الخاص، بينهم 681.48 ألف سعودي فقط!
السعودي لا يعنيه عدد الوظائف المتاح.. حتى لو بلغت عشرين مليون وظيفة.. باستطاعتي أن أنشئ مؤسسة وأعلن عن حاجتي لعشرة موظفين سعوديين براتب ألف ريال فقط.. وأضيف لبيانات وزارة العمل عشرة وظائف يزهد فيها السعوديون!
نحن نضحك على أنفسنا كثيرا.. ولن نستطيع من خلال هذا الطرح معالجة أوضاع العاطلين.. اليوم، ليس صحيحا أبدا أن الشاب السعودي يبحث عن مكتب ومكيف.. هذه كذبة نحن من كذبها وصدقها.. الشاب السعودي يريد ثلاثة أمور فقط.. (الأول): عمل شريف يحفظ له كرامته وآدميته.. (الثاني): راتب معقول مقبول يعينه على أعباء ومستلزمات الحياة.. (الثالث): أمان وظيفي.
غير هذه الأمور الثلاثة هو لا يريد شيئاً.. وما لم نحققها أو نسع لتحقيقها لن نتقدم خطوة واحدة في حل مشكلة العاطلين عن العمل.. وهذه الإرادة مع الأسف غير متوفرة..
المضحك أن وزارة العمل تدين نفسها بنفسها.. بيانها الأخير ـ منشور في "الوطن" يوم أمس ـ يقول متوسط رواتب السعوديين العاملين في القطاع الخاص يبلغ في منطقة حائل 1734 ريالا شهرياً، وفي نجران بمتوسط راتب شهري 1625 ريالا، وفي الباحة 1507 ريالات!
الخلاصة: ادعاءات وزارة العمل بوجود ملايين الوظائف التي يشغلها غير السعوديين غير صحيح.. هذه ليست وظائف.. هذه مجرد ذر للرماد في العيون.