قال كثير من العلماء بعث الله كل نبي من الأنبياء بمعجزة تناسب أهل زمانه. فزمان موسى عليه السلام غلب عليه السحر، فلقفت عصا موسى ثعابينهم التي ما هي إلا الحبال والعصي.

وفي زمان عيسى عليه السلام غلب الطب، فجاءهم بما لا قبل لهم به، وهو إحياء الموتى وشفاء الأكمه والأبرص، وكذلك محمد صلى الله عليه وسلم بعث في زمن الفصحاء والبلغاء فأتاهم بكتاب من الله عز وجل، ولو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بسورة من مثله لم يستطيعوا أبدا ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا. ..وهكذا خاطب الله كل أمة بنقطة قوتها، والغاية من هذا تحقيق الإيمان. مثلما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي، ولكنه ما وقر في القلب وصدقه العمل .. وكما قال في حديث جبريل عندما سأله عن الإيمان، فأخبر صلى الله عليه وسلم عن الإيمان وقال (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره). في عصر شيوع القلم كما أخبرنا سيد الخلق عليه الصلاة والسلام ..هناك أصوات تنادي بالتحفظ حول الإعجاز العلمي حتى لا يضيع باجتهادات بشرية .. وينزع عنه ثوب القداسة والتعظيم إلى رداء علم مادي صرف.

لكن ليس كل تفسير علمي يرتقي إلى رتبة الإعجاز .. الفقه والعلم يتراجع.. الإسلام يعود غريبا. والحقيقة المطلقة أن القرآن دعانا إلى التفكر والتفكير والبحث .. قال تعالى (إنه فكر وقدر فقتل كيف قدر) ذمه الله بسوء التقدير .. ولم يذمه بالتفكير .. لأنه مفاتيح الخير والعلم، ومحال أن القرآن يتناقض أو يوجد فيه اختلاف ..قال سفيان بن عيينة: الفكرة نور يدخل قلبك .. والفكر بداية الهدى والرشاد. مثلما لكل شيء بداية. فمثلا بداية الكتاب الفاتحة وبداية الفاتحة بسم الله الرحمن الرحيم بداية.. استهلال للتفكير والتعقل ومباركته.. ومما يدور في الفكر أن الغرب بوسائله البحثية المتطورة من تكنولوجيا وتقنية لن يستطيع إماطة اللثام وحل كثير من الألغاز الكونية والعلمية ما لم يتكامل في مجهوداته فيعرضها على علماء المسلمين .. فتضيء الحقيقة كاملة من أسرار وسبق علمي مختزل في منهج القرآن والسنة .. كيف لا والله سبحانه يقول (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق) فمقتضى "سنريهم" تدل على الاستمرار بالإضافة أن الله حذرنا من افترائهم أحيانا بقوله تعالى (ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا) .ونور الله الباقي تذهب الشمس والقمر .. وتأفل النجوم السواطع والكواكب السيارة (وأشرقت الأرض بنور ربها) حين ينادي المنافقون والمنافقات (انظرونا نقتبس من نوركم)، نور الله الذي له تفسير في الدنيا أحيانا بأنه الإسلام والإيمان والإحسان له امتداد معنى في الآخرة.. هو في روعة الإخراج ودقة الوصف ?اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ..?.

ولنختم بنهاية شاملة نورد قصص الإعجاز في بعض أمثلة ..أحد علماء الغرب ذكر أن هناك نوعا من الديدان قاتلة تطال بعض الحيوانات ..فلما رد عليه الشيخ عبدالمجيد الزنداني ..بحديث (عن ابن عباس نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير) لمع في ذهن الغربي هذه الحيوانات على وجه الدقة .. فأسلم لله .. وفي حديث قال صلى الله عليه وسلم (من عرض عليه ريحان فلا يرده .. فإنه خفيف المحمل طيب الرائحة) فاكتشفت دراسات أميركية أن له روائح عطرية وغازات طيارة تعالج الأمراض النفسية والاكتئاب بدون آثار جانبية ..في سورة يس قلب القرآن ما يثبت بيضاوية الأرض، فسبحان من قدرته (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون).