الترفيه عن نفس المواطن السويّ حق مشروع كفله الدين الإسلامي السمح بما ورد في الأثر (روّحوا عن القلوب ساعة بعد ساعة فإن القلوب إذا كلت عميت)، وما كان عليه نبي الهدى، صلى الله عليه وسلم، من الخُلُق العظيم الابتسام في وجوه أتباعه وصحابته الكرام، ومشاركتهم أفراحهم البريئة أعيادا ومناسبات.. وما كان عليه أسلافنا بالعهد القريب والبعيد حتى قيام دولتنا الرشيدة، إذ كان الملك المؤسس، عبدالعزيز -طيب الله ثراه- يُشارك رجاله العرضة الحربية، ويطرب للشعر والأهازيج الشعبية، ومن بعده أبناؤه الملوك الميامين وأحفاده الأمراء الفضلاء، ومن منا لا يتذكر مباهج الصيف بـ "الطائف المأنوس"  و"أبها البهية" سنوات خلت.

الملك "فيصل" وضع في خطته الإصلاحية حين ولايته مبدأ الترفيه عن الأمة وطبقه بكل صرامة ضد من أبدى التشدد حين ظهور "التلفزيون"، والناس مع ذلك شيبا وشبانا يملؤون المساجد ويلتزمون بأوامر دينهم.

ثم كانت واقعة "جهيمان" وأشياعه بحرم الله الآمن تسببوا بحرمان المسلمين من ارتياده قبل تحريره منهم على مدى سبعة عشر يوما تلاهم الدعاة المتطرفون فيما سُمي بــ"الصحوة" طبقوا أفكار وتوجهات "الجهيمانيين"، واستحوذوا على المنابر وأثّروا على الدهماء بتجنيد بعض شبابنا بما ابتدعوا من جهاد غير مشروع بالبلدان المتحاربة أو الإرهاب بالداخل والخارج، وزرع العداوة والبغضاء بين المواطنين، وتصنيف من يخالفهم إلى أعداء.

لن يكون "الصيعري والصاعدي" آخر الإرهابيين ما دام التلقين الفكري المتطرف للعوام وبعض الشباب المتطلعين إلى مستقبل كيفما يكون، وما دام التمويل يُضخ في جيوبهم من مصادر مشبوهة لا تريد بوطنها وأهله خيرا، وما دام حشو الوهم في عقول المتشددين بأن ما يقومون به من نصرة للحق وإقامة العدل، وما دامت المنابر تعج بأولئك المضللين يرددون أقوالا ما أنزل الله بها من سلطان، ويزعمون أنهم دعاة للجهاد بأماكن الصراع العربي، يحفزون أبناء غيرهم للانخراط فيه، ويدفعونهم للهاوية وسوء المصير.. وما دام المحرضون الحاقدون يدفعون أولئك البُلهاء للاعتداء على أمن وطنهم واستقراره ومكتسباته.

ترتفع هاماتنا أمام إنجازات رجال الأمن الأبطال وجهودهم الجبارة لمحاربة الإرهابيين ومطاردتهم بالضربات الاستباقية، كما حدث أخيرا بالعاصمة الرياض، ندعو لهم ولولاة الأمر بالنصر والتمكين.