الإنسان الطبيعي يجب أن يكون متفاعلا مع الأحداث والمواقف. هذه الأحداث متغيرة ومتقلبة ولا تسير على رتم واحد ثابت، فالحياة ليست منظمة بالشكل الذي نعتقده.

كل الأحداث المهمة في حياتنا هي أحداث عشوائية، وخُلقت تحت ظروف غير منتظمة: الحروب، المجاعات، الكوارث الطبيعية، انتشار الأمراض، الموت، الولادة، الخسارة، الربح، الزواج، الطلاق...الخ.

لاحظ، حتى في ذاكرتنا نحتفظ بالأشياء العشوائية غير المتكررة، فلو سألتك عن أبرز ما حصل لك هذا الأسبوع، فلن تتذكر الأحداث الروتينية المنتظمة كذهابك إلى العمل يوميا!، وإنما ستتذكر الأحداث غير العادية. إذن، حتى ذاكرتنا لا تحب الأشياء الرتيبة، وتحتفظ بالأشياء غير العادية.

فإذا سلمنا بعشوائية الحياة وفوضويتها، بناء على أبرز الأحداث التي مرت بحياتنا، فهذا يعني حتى مواقفنا التي نتبناها تأسست على أحداث عشوائية مرتبطة بظروف مختلفة وغير منتظمة.

هذه الفكرة في حد ذاتها، قد تنسف كل ما نعتقد ونجزم بحقيقته، فلا نستطيع أن نؤمن بثابت تأسس على قاعدة متغيرة. ماذا يعني هذا؟

هذا يعني، لا تتعصب لمواقفك وآرائك التي توصلت إليها وبنيتها على أحداث وظروف متغيرة، وتعتقد أنها حقيقة مطلقة أو صواب مطلق، فغيرك أيضا بنى آراءه ومواقفه بناء على أحداث وظروف مختلفة، ويعتقد أيضا أنها حق مطلق وصواب مطلق.

لو استطعنا أن نفهم هذا الاختلاف البسيط بيننا، لقضينا على مشاكل كبيرة وكثيرة نعاني منها، تحولُ كل اختلافاتنا إلى كراهية بحق أشخاص ذنبهم الوحيد أنهم مروا بظروف وتجارب مختلفة عنا.