هانا برايس*


يصادف هذا العام الذكرى السنوية الـ20 لتوقيع معاهدة حظر الألغام، الاسم الشائع لهذه الاتفاقية التي تحظر استخدام وإنتاج وتخزين ونقل الألغام الأرضية المضادة للأفراد. ومنذ إبرام هذه المعاهدة التي حصلت على تأييد 162 دولة، أُزيل نحو 47 مليون لغم أرضي مضاد للأفراد، وتم تدميرها.

هناك عوامل عدة أسهمت في نجاح إزالة تلك الألغام. ومما لا شك فيه أن الحظر القوي الذي تفرضه هذه المعاهدة، أدى إلى ممارسة ضغط دولي ساعد بدور فاعل في تخفيضها إلى حد كبير.

ومع ذلك، فإن نجاح هذه المعاهدة مهدد بأن يطغى عليه فشل الحكومات في احترام وتنفيذ التزامات مماثلة ينص عليها القانون الدولي، الذي يصر على فرض مزيد من القيود على أسلحة معيّنة غير متكافئة، ولها تأثير دائم على حياة من المدنيين.

لقد أكدت التقارير أن القوات السورية-الروسية المشتركة استخدمت بشكل دائم القنابل العنقودية ضد الضحايا المدنيين في مدينة حلب، علما بأن روسيا وسورية لا يمثلان طرفا في اتفاقية القنابل العنقودية، مما أثار أسئلة أكثر إلحاحا حول الحاجة لتأكيد أن القانون الإنساني الدولي يحمي المدنيين.

إن فشل اتفاقية القنابل العنقودية في التصرف وفقا للالتزامات المنصوص عليها في الاتفاقية، سيُضعف فاعليتها، وكذلك الحال بالنسبة للخطر الذي يمثله عدم الامتثال للقانون الدولي الإنساني.

ولذا، فإن مزيدا من التدابير الإضافية التي تُكمل وتُصقل قوة هذا القانون، يمكن أن تخدم تعزيز أحكامه وفاعليته، وتحسين حماية المدنيين الذين يعانون ويلات الحروب على حد سواء.

وعلى سبيل المثال، هناك عملية سياسية يقودها عدد من الدول التي تشمل: النمسا، تشيلي، كوستاريكا، المكسيك، موزامبيق، للسعي إلى تخفيف حدة الضرر الإنساني الكبير الذي تلحقه الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان.

في عام 2015، أجرى معهد الأمم المتحدة لبحوث نزع السلاح دراسة للآثار الناجمة عن الأسلحة المتفجرة، تُفيد بأن 6% من القتلى والمصابين المدنيين سببها تلك الأسلحة. وأن استخدامها سيترك بعض الأضرار البالغة على المدى الطويل، بما في ذلك الأضرار التي تلحق بنظام التعليم والاقتصاد والإسكان.

وينطبق الشيء نفسه على الأسلحة غير التقليدية، مثل الأسلحة الكيميائية المحظورة بموجب اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، خصوصا بعد أن استخدمتها القوات السورية وتنظيم "داعش" في العامين الماضيين. وبالتالي ينبغي على الدول جميعا ألا تتردد في اتخاذ التدابير الفاعلة لتعزيز مراقبة تلك الأسلحة الفتاكة، من أجل حماية المدنيين من أضرارها القاتلة.


*نائب رئيس قسم الأمن الدولي بمعهد تشاتام هاوس للشؤون الدولية – مجلة (نيوزويك) الأميركية