كان مساء السبت الماضي في السعودية مختلفا جدا، فللمرة الأولى ترى أعين السعوديين ما يفعله رجال أمنها خلال أكثر من 20 عاما في حربهم على الإرهاب. فبالصدفة سجلت سيدة سعودية عملية فدائية افتدى فيها رجال الأمن الوطن بأجسادهم، فأقدم أحدهم غير عابئ بأحزمتهم ولا رشاشاتهم، ما دام أمن الوطن وسلامة الناس على المحك.

كانت اللحظات التي تقدم فيها تخبرك بأنه اختار أن تمضي روحه إلى بارئها، على أن يفر المجرمان بالدورية ويفجرا نفسيهما في تجمع بشري في الرياض، ليهوي جسداهما الخبيثان تحت رصاصاته، فتتنفس الرياض الصعداء، ويقف هو شامخا بروحه ينظر إلى صيده، معلنا أن المملكة ستبقى آمنة بفضل الله أولا، وستبقى آمنة ما دام محمد بن نايف ورجاله يقودون أمنها.

لقد شاهد هذا المشهد ملايين الشباب في السعودية، وأصبح هذا البطل رمزا حقيقيا للشجاعة، وحتى لا ننسى هذه البطولة أتمنى من وزارة التعليم أن ترتب لرجال الأمن لقاءات بطلاب المدارس، ليشرحوا لهم ما حدث، ولماذا وكيف أقدم هذا العسكري على افتداء وطنه، مع تأكيد صورة البطل في أذهانهم.

إننا نملك آلاف الشخصيات التي هي ملهمة في رجولتها وشجاعتها، مثل هذا الجندي تماما، لكن عرضها للشباب مهمل. وكما يقال عدم اتخاذ القرار قرار آخر يقرره أشخاص آخرون ربما لا يتفقون معنا في الهدف والمبدأ.

لذا عندما خلت كتب الشباب من أبطالنا وشجعاننا وقصص تميزهم افتقد الشباب الملهمين، وتلفتوا وحدهم في غفلة منا ليقدم الأعداء لهم ملهمين اندسوا في فيديوهات وقصص تضمنتها خطب ومواعظ متطرفة، واكتمل المشهد بأناشيد مليئة بصور إرهابيين بأوشحة ونظرات غاضبة، وسط دخان قنابل تحت رتم الإقدام، فلا تنتهي أنشودة الموت هذه إلا بإرهابي آخر.

إن طلاب المدارس هم الهدف الأول للخلايا الإرهابية، ولو راجعت القوائم ستجد أن معظمهم ابتدأ ضياعه من الصف الأول الثانوي أو سن الـ16 وهي سن البحث عن دليل الرجولة والاستقلالية.

إنها فرصة عظيمة، هذه الأحداث التي تمر بها بلادنا، والتي يظهر الرجال فيها والنساء العظماء في كل مكان، وهم لن يمانعوا مطلقا بأن يحكوا تجربتهم للشباب ليلهموهم ويخبروهم عن البطولات الحقيقية.