يحتار المرء عندما يحاول أن يلفت النظر أو يبرز محاسن بعض الأشخاص والأفراد، لا سيما أولئك الذين تتعدد مزاياهم ومواهبهم، فنحن بين ثلاث فئات: إما أفراد أظهرهم الإعلام عبر صفحات الصحف فهم يملكون رصيدا عظيما من عبارات النقد واللسع والتصيد، ويفتقدون إلى أبسط جهد ومقدرة على العمل الجاد والمنتج، سواء في القطاع الخاص أو العام. أو أفراد أظهرهم الإعلام بعد تبوئهم المناصب العليا لأهمية مكانتهم الاجتماعية، لتعلقها وارتباطها بمصالح الناس، فجعلهم الإعلام كبارا مهمين. وهناك في المقابل صنف القادة الحقيقيين المنتجين علما وبذلا وقيادة للأعمال والمبادرات.

يقف يوسف الحزيم أمين عام مؤسسة العنود الخيرية في مصاف الفئة الثالثة المهمة، فقد توالى إنتاجه العلمي والثقافي والفكري ليبلغ حوالي عشرين مرجعا متنوعة المشارب والمجالات والتخصصات، ليبرهن ويؤكد أن الإبداع والموهبة لا يستسلمان لمشنقة التخصص وضيق المجال، فقد أضاف إلى المكتبة العربية عموما والسعودية خصوصا كتبا ومراجع مختلفة، في الإدارة والقيادة والسياسة والأدب والمعرفة والعمل الخيري وتطوير الذات والترويح عن النفس. يتمتع الحزيم بالبعد عن كلفة العبارة أو الصياغة أو الأسلوب، يحاول الاقتراب من قارئه حتى تشعر بأنه يخاطبهم جميعا الصغير والشاب والكبير والثري والبسيط والمتعلم والمثقف، يمتاز بعدم الثبات على نغم أو إيقاع بعينه في كتاباته أو مؤلفاته أو لقاءاته، فهو لا يكتب أو يتحدث إلى فئة أو طبقة أو اتجاه، وهذا لا نراه حاضرا في قلم كل مؤلف أو كاتب، يسوق الأمثلة الشعبية تارة ويؤكد فكرته بمعلومات ودراسات تارة أخرى، أهم ما يسعى إليه إيصال الفكرة ببساطة وسهولة.

لذا، فموهبة المؤلف والكاتب إنما تكون في قدرته على توظيف المعارف المختلفة في إقناع القارئ، وهو ما يمارسه يوسف الحزيم في كتبه ومؤلفاته.

ففي كتابه صغير الحجم كبير المعنى "خمسون متعة صغيرة عليك أن تفعلها لتسعد" ففي المتعة رقم 40 يسعى إلى إقناع القارئ بتزويده بمعلومة فيقول "الطفل يضحك في اليوم 300 مرة ويتناقص هذا المعدل عندما يكبر إلى 15 مرة فقط، حاول أن تزيد هذا العدد، وعندما نضحك تستفيد أن ضغط الدم ينخفض". ربما أن يوسف الحزيم لم يحظ بالاهتمام الإعلامي الذي حظي به ووجده من هم أقل بكثير منه علما وإدارة وإنتاجا ونفعا لمجتمعه، لكن لم يثنه ذلك عن مواصلة إنتاجه وإبداعه العلمي والثقافي، ولم ينتظر أن يصنعه الآخرون ويبرزه، بل بادر بإنشاء مدونة إلكترونية يهدف إلى التواصل مع متابعيه ومريديه بإهداء كتبه ومؤلفاته لمن يطلبها أو يرغب في الحصول عليها، ليفعل ما فعله الكرام من العلماء والأفاضل، إذ يطبعون الكتب ويوزعونها إهداء بالمجان ودون مقابل، على أمل أن يستفيد منها القارئ وطلاب المعرفة، ولذا قالوا إن القادة أربعة: قائد منحدر ويأخذك معه إلى الهاوية، وآخر مرتفع وليس له علاقة بغيره، وقائد انحدر ويحذرك ويقول أبعد ولا تقع معي، وقائد مرتفع ويرفعك معه. هذا يوسف الحزيم بالمختصر .