اعتدنا من هذه الأرض أن تنبت الرجال، لا نباتا مجردا، بل نباتا مثمرا ناضجا ناجحا مختلفا، يأبى إلا أن يكون شامخا معطاء مثقلا بالخير كسنابل القمح أرضنا تدلل أبناءها.. تربت على أكتافهم بعد كل زهو ونجاح، يكادون يتشبثون بأطراف الغيم، فتهبط من سمائها مغدقات تهطل فرحا حين يقبلون يتأبطون مفاخرهم..

(عبد الملك الأسمري) أحد أبناء هذه الأرض، بل عرق في جسدها ضخ إلى قلبها الحياة، وملأ أرجاءها بالزهو والفرح والانتشاء، فرحتنا بتتويجه وتميزه المتكرر، كفرحتنا بالمطر، كلما هطل وأشبع أرواحنا وملأها غبطة..

قرأت في هذه الصحيفة خبر عودته وهو يمتطي صهوة النجاح، وتفاصيل وجهه الصغير تحمل الفرح بهذا العقل الكبير الذي يفكر كيف ينقل نفسه إلى مكان أوسع وأصعب وأعلى.

هذا العقل الذي استطاع أن يركز بوصلة الإبداع عليه؟ لتشير إلى إنجازاته مرة تلو أخرى، عبدالملك جاء لينبه أن هذه الأرض تنجب العباقرة. منها خرج الطبيب والمهندس وصاحب الرتبة العسكرية العالية، والوزير والسفير والعالم والفقيه والشاعر والمفكر، وإليها عادوا يعلقون شهادات الفخر في ذاكرتنا إلى الأبد.. حقيقة أنا مزهوة بالكبير عبدالملك، وكبرت به أحلامي التي أرجوها من أبناء هذا الوطن.

ليس صعبا أن يكون لنا مقعد متقدم في عالم الإبداع، وليس غريبا أن ننجح ونحتفي بنجاحنا ونكتب ونفاخر ونفتخر به، الغريب ألا يكون في كل منطقة عشرات من عبدالملك.. الغريب ألا نشجع مواهب أبنائنا مهما كانت صغيرة ومتواضعة.. الغريب أن تختفي أصواتنا عند الهتاف لموهبة قادمة، وتغيب أيدينا عن التصفيق له، وندس وجوهنا في متاهات الحياة وأشغالها، عن مواهب صغارنا ولا ننميها ونفرح بها.. لا أجرؤ على كتابة، سوى قولي لكبيرنا عبدالملك: أنت أولى هبات العام الجديد وأعظمها.. أنت العطر العالق في صفحات تعليم منطقة عسير، أنت البصمة المنحوتة في جدار التاريخ، لك وبك ومنك المجد أيها البطل الكبير، وللوطن أن يتباهى بك وأنت تصعد باسمه وتزيده علوّاً ورفعة.

ولكل القائمين على الموهبة والراعين لها منذ بذرتها الأولى، مركزا ومعلما: أنتم تقدمون للوطن وساما من ذهب لا يبلى ولا يصدأ. الموهبة هي العمل الحقيقي الذي ينهض بالمجتمع.. للأم التي فرحت بعبدالملك: تقاسمنا معك الشعور بالزهو والفرحة.