منذ أنشأتها السيدة زبيدة زوجة الخليفة هارون الرشيد عام 194 هجرية في مكة المكرمة، و"عين زبيدة" الشهيرة في التاريخ الإسلامي، تتعرض للكثير من مخاطر الاندثار. ورصدت "الوطن" خلال جولتها الميدانية في موقع العين مهددات عديدة، منها البناء العشوائي، واتساع مشاريع شبكتي المياه والكهرباء، وشق الطرق السريعة بالمنطقة القريبة منها.


عين تاريخية

تمتد عين زبيدة على مسافة تقدر بأكثر من 14 كلم، بمحاذاة الطريق السريع "طريق مكة - الهدا الطائف"، وتحتوي على 72 خرزة "غرف تفتيش"، تتوزع على يمين ويسار الطريق. وبحسب مدير مركز تاريخ مكة المكرمة الدكتور فواز الدهاس "تم إنشاء عين زبيدة في العصر العباسي من قبل السيدة زبيدة زوجة الخليفة هارون الرشيد، نظرا لقلة الموارد المائية داخل الحرم، وما يعانيه سكان المنطقة وحجاج بيت الله الحرام من شح المياه في ذلك الوقت، حيث أمرت بأن تشق القنوات لهذه العين في الجبال من "عين حنين" ما يعرف بالشرائع في وقتنا الحالي، وصولا إلى وادي نعمان في المشاعر المقدسة"، وأضاف "ظلت العين تسقي الحاج والمعتمر والمقيم والمجاور لمدة تربو على 1200 عام، بعد أن قام نحو 1000 عامل من مختلف الدول الإسلامية بإعمارها، وحفر قناة من بئر زبيدة إلى الأبطح، لتلتقي بمياه "عين حنين" أمام مبنى إمارة منطقة مكة المكرمة، ثم إلى المعلاة، ثم إلى الحرم، ثم يتوزع الماء في شبكة حجرية داخل أحياء مكة المكرمة ليصب في 33 بازانا "مكان مورد الماء وجمعه"، تنتشر في مختلف أحياء مكة.




3 مهددات

1- التعديات وانتشار المخططات السكنية العشوائية

2- المشاريع التنموية الخاصة بالمياه والكهرباء

3- مرور الطريق السريع المتجه إلى الطائف على الخرزات







لصوص الأراضي

أرجع الدهاس أسباب التعديات التي طالت موقع "عين زبيدة" الأثري إلى غياب الثقافة الآثارية لدى بعض أفراد المجتمع، وظهور من وصفهم بـ"لصوص الأراضي" وهم الذين أقاموا المخططات العشوائية التي أزالتها إمارة منطقة مكة المكرمة، بالإضافة إلى بعض المشاريع التنموية للمنطقة، مطالبا الجهات المختصة بنشر "ثقافة مواقع التاريخ الإسلامي" وإنشاء حرم لها وتسويرها لحمايتها من التعديات لارتباط تلك المواقع بسيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام وخلفاء المسلمين.

وأوضح الدهاس أن الدولة عملت على العناية بمواقع التاريخ الإسلامي منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز، وتوالت المشروعات التطويرية لهذه المواقع التي توجت بمشروع الملك عبدالله للعناية بالتراث الحضاري، كما تم رفع عدة توصيات من الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بشأن تسوير الموقع لحمايته من التعدي والتخريب، والتنسيق مع فرع الهيئة في العاصمة المقدسة عند القيام بأي أعمال أو مشاريع تنموية مستقبلية، بالإضافة إلى إدراج موقع "عين زبيدة" ضمن مشروع "مساري" لمواقع التاريخ الإسلامي بمكة المكرمة، وتهيئتها لقاصدي مكة من الزوار والمعتمرين والحجاج.




معلومات عن العين

- 1200 عام عمرها

- 14 كلم طولها

- 72 غرفة تفتيش في مسار المياه

- 33 حوضا لورود مياه العين

- 1000 عامل شارك في بنائها




رد السياحة

أفاد مدير الآثار بفرع ‏الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في العاصمة المقدسة عبدالرحمن الثبيتي لـ"الوطن"، بأنه من خلال الجولات الميدانية التي يقوم بها مختصو الآثار في العاصمة المقدسة على المواقع الأثرية، تم ملاحظة وجود مخططات عشوائية تهدد مجرى عين زبيدة بوادي نعمان، وفي حينه تمت خاطبة مقام إمارة منطقة مكة المكرمة من قبل الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، وعلى الفور قامت لجنة مراقبة الأراضي وإزالة التعديات بالإمارة بالتنسيق مع البلدية الفرعية وفرع الهيئة بالعاصمة المقدسة، بإزالة كافة التعديات على الموقع. وأكد الثبيتي أن فرع الهيئة بالعاصمة المقدسة ممثلا في مكتب الآثار، يقوم بالمتابعة الدورية للمواقع الأثرية، ويوثق جولاته الميدانية ويرصد أي تعديات أو عبث أو ما شابه ذلك، سعيا لتطبيق نظام العقوبات الصادر في نظام الآثار، الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/3 وتاريخ 9/1/1436، بحق من يتعدى على المواقع الأثرية، وتم الرفع لاعتماد تسوير بعض المواقع التي تتطلب تسويرا كمجرى عين زبيدة، للحفاظ عليه وتطويره ضمن خطط مشروع خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري.