توضح الصور واللقطات التي تعكس الوضع في مدينة حلب الشرقية مناظر مروعة تماما.

وفي الواقع، إن كلمة "مروعة" ربما تكون غير كافية لوصف مشهد إبادة جماعية، وتدمير كامل لمدينة مأهولة بالسكان.

لقد ختمت سنوات من القتال العنيف في حرب لا ترحم المدنيين بتدمير مدينة حلب التي كانت موضع افتخار محلي وعالمي.

وعن تدمير حلب قال منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة، كما جان إيجلاند "استغرق بناء حلب 4000 سنة، وللأسف تمكن جيل واحد من هدمها".

لم يُبد بشار الأسد أبدا استعدادا للتفاوض مع معارضيه. ولقد ساعده نظام والده الذي أنشأه خلال 30 عاما على ممارسة القوة الغاشمة للبقاء في الحُكم.

ولذا، فإنه يعدّ أي شخص في سورية، صغيرا أو كبيرا، عدوا لنظامه ومتعاطفا مع الإرهاب، خاصة إذا كان هذا الشخص يعيش في المناطق التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة.

في الواقع، إن نهج بشار المتعطش للحرب هو السبب الرئيسي لتخوف الأمم المتحدة والمجتمع الإنساني لما سيحدث للشبان الذين يضطرون في النهاية إلى عبور الأراضي التي يسيطر عليها النظام.

لقد تدفق عشرات الآلاف من سكان شرق حلب، استعدادا لإنقاذ أنفسهم وما تبقى من عائلاتهم بالتنقل بالحافلات بعيدا عن المذبحة.

وعلى الرغم من أنه أصبح واضحا تمام الوضوح، فوز الأسد بالمعركة الأكثر أهمية في الحرب كلها، إلا أن هناك شيئا آخر واضحا أيضا، هو أن الحرب نفسها لن تنتهي.

في الواقع، إن صراع سورية ما بعد حلب لن يتوقف فحسب، بل ربما يتطور بطرق متعددة ولدرجة أن المحللين الأكثر دراية بسورية سيجدون صعوبة في التنبؤ به.

إذا كانت هناك أي منطقة من البلاد يرى النظام السوري إعادة استيلائها، فإنها ستكون محافظة إدلب التي تقع شمال غرب سورية، والتي هي تُعد موطنا لمزيج من الجماعات المتشددة والأكثر تطرفا مثل "جبهة فتح الشام" الأكثر انتشارا.

وإدلب أيضا هي منطقة يسكنها عشرات الآلاف من المدنيين الذين جاؤوا من مناطق أخرى من البلاد تم نقلهم في "صفقات العفو" التي أعلنها النظام على أساس استسلام مقاتلي المعارضة والمدنيين، وانتقالهم شمالا لإنقاذ حياتهم، وبالتالي أصبحت إدلب شبه معسكر للاجئين السوريين.

يبدو أن الأسد ينظر إلى إدلب بمثابة تهديد لسلطته وقوته، وأن أي قسم من سورية يقع خارج سلطة نظامه يُشكل تهديدا محتملا لشرعيته. ولذا، فإنه سيستخدم في محافظة إدلب إستراتيجية القصف والتجويع والحصار التي استخدمها بشكل جيد في حلب.

وللأسف، إن السيناريو الأكثر ترجيحا هو زيادة وتيرة العمليات الجوية الروسية والسورية لقصف إدلب، تمهيدا لهجوم بري محتمل موال لنظام الأسد.