كثرة العلاقات والمعارف قد يعتبرها البعض كنزا يمكن استثماره في مجتمع يؤمن "بالواسطة". وقد تُعتبر علامة على محبة الناس. وربما تكون دليلا على "وساعة الوجه"! فهناك كثير من الشخصيات كونت علاقاتها لمجرد أنها لا تستحي.
أما في الوسط الإعلامي فالكل تقريبا يعرف الكل بطريقة أو بأخرى. هذه الشبكة كلما توغلت فيها قلّت حريتك، هي تقيدك بقيود قوية جدا ولكنها خفية. لا تستطيع أن تنتقد هذا الإعلامي لأنك كثيرا ما تلتقي به في مناسبات خاصة وعامة. ولا تستطيع أن تنتقد الآخر لوجود عدد كثير من الأصدقاء المشتركين. أما فلان فهو أيضا معك في دورية الإثنين أو الثلاثاء، ومن العيب أن تنتقده. وهكذا حتى يكون النقد في هذا الوسط شبه معدوم.
بعض الإعلاميين يتفاخرون أمام بعضهم بعلاقاتهم مع الوزراء وأصحاب المناصب ورجال الأعمال. ولذلك أشك أن "غالبية" الانتقادات المباشرة تكون إما لأسباب شخصية وإما انتقاما لثقافة الشللية وليس لدواع وطنية.
تخيل أن الوسط الإعلامي الذي يُفترض أن يكون أكثر من يؤمن بالنقد أصبح هو أكثر من يتحسس من النقد! ما زلت لا أعرف ما سر هذه الحساسية المفرطة؟ ما المشكلة أن تكون زميلا أو صديقا وأنتقد مقالتك أو تغريدتك؟
إذا كنت إعلاميا وترفض النقد ولا تقبله على نفسك فكيف تريد أن يقبل الناس نقدك؟ أنت هنا لا تختلف عن المسؤول الذي لا يقبل إلا الثناء، ولا تختلف عن الشيخ الذي يرى كل من يخالفه على ضلال.