دائما ما نردد عن أنفسنا أننا نعمل أو نسير دون خطط مسبقة أو أهداف واضحة قابلة للتحقق، على البركة أو حسب التوفيق، وإن لم ننكر ذلك إلا أن الاستمرار في السير وفق الحظوظ يهدر الطاقات، ويحرمنا من فرصة تحقيق مستوى الجودة فيما نقوم به من أعمال، خصوصا ونطاق الأعمال الإدارية وحتى الإنتاجية يشهد نوعا من الفوضى في عملية التخطيط والسير، وفق رؤية وأهداف معلومة، تسهل على الموظفين توحيد الجهود والبعد عن العشوائية في أداء المهام.

بعض الإدارات يحرص المدير فيها على حشد عدد كبير من الكوادر، ثم يعمد إلى تجزئة المهام بحيث لا يشغل الموظف من وقت الدوام الرسمي سواء دقائق، بينما يقضي بقية اليوم في الأحاديث الجانبية أو متجولا في مواقع التواصل، وهذا ليس ذنبه بل من تنقصه الخبرة والثقافة في كيفية توظيف الطاقات بما يخدم العمل، الجهل الإداري مشكلة نعاني منها، وعلاجها ليس بالصعب، فقط إعادة تأهيل وتدريب الكوادر لتواكب المستقبل المهني الذي نعول عليه أمالا في معالجة كثير من الأزمات الاقتصادية التي نعاني منها، والتي استوعبها جلنا، وأصبحنا في وضع الاستعداد للمساهمة في إيجاد الحلول، فالمرحلة الماضية كانت بالدقة والوضوح بحيث تجعل من لم يع أو يسمع بالتغيرات الاقتصادية يصبح محللا فطنا يتابع النشرات الاقتصادية بشغف وترقب.

الأنظمة الجديدة التي صدرت عن وزارة الخدمة المدنية فيما يخص الأداء الوظيفي للموظف الحكومي كانت صادمة لكثيرين، لأن أغلب موظفي الدولة -إلا فئة قليلة منهم- يشكل ارتفاع الأداء وانخفاضه أهمية لما يتبع ذلك من نتائج.

تطبيق الأنظمة جاء مفاجئا ولم تسبقه فترة تحضير أو تواكبه برامج شارحة، تبسط على الموظفين فهم هذا التعديلات، وكسر قاعدة الجمود والتكاسل في العمل، والاجتهاد بما يكفل له نسبة مرتفعة في الأداء، يضمن بها نفعا ماديا أو معنويا، ونعود للتخطيط والأهداف والتي تداخلت مع الأداء الوظيفي، وهنا المعضلة، لأن الواقع يشهد أننا نجهل كثيرا في هذا الحقل والذي نسمع به كثيرا ونراه فقط على الورق، وعندما نقدم في عملية التنفيذ نصطدم بعقول تبرمجت على مبدأ الحظ والبركة، والتوجس من كل ما هو جديد، فهي تراه غولا يهدد عرشها الذي لعب الجهل الإداري والأنانية المطلقة دورا مهما في عملية تثبيت الأركان، غير أنها لم تفطن أن المستقبل بما فيه من علم وتقنية حديثة كفيل بتحطيمها مهما ترسخت وتعمقت.