يستطيع المتابع للأحداث في العالم أن يلحظ جيدا أن الإرهاب بكل أجنحته وفئاته وتوجهاته يضرب كل الدول في العالم من الولايات المتحدة إلى العالم العربي مرورا بأوروبا، متخطيا كافة القوانين والشرائع التي تحرم قتل الأبرياء والمدنيين والعزل من أي دين وتنهي قطعيا عن إراقة دماء المسلمين.
إن ما نشاهده مؤخرا من اعتداءات للتنظيمات الإرهابية على سورية ولبنان والأردن والسعودية والعراق، وآخرها تركيا وقبلها أوروبا؛ كانت بمعظمها ضد مدنيين، وهدفها تشويه صورة المسلمين والمهاجرين، وإظهارهم على أنهم قتلة إرهابيون ينتمون إلى دين لا يرحم البشر ولا الحجر، ولا يبقي على الأرض حتى الشجر!
إن اللافت وبشكل واضح جدا أن معظم هذه العمليات تحدث في الدول التي احتضنت الشعب السوري ودعمته وأيدت ثورته، وفتحت له الأبواب ليهرب من جحيم الحرب المستعرة والقتل العشوائي على الهوية الدينية والقومية في سورية على يد إيران والميليشيات الطائفية التابعة لها، كحزب الله وحركة النجباء ولواء أبو الفضل العباس والحرس الثوري الإيراني، فهل يشكر الإرهابيون دول العالم التي قدمت الحماية للشعب السوري عبر قتل نسائها وأطفالها ورجالها وأبنائها الذين اصطفوا بالمئات في محطات القطارات في ألمانيا والنمسا وهنغاريا، لتقديم الطعام والشراب والملابس للهاربين من جحيم الحرب والقتل في الشرق الأوسط وتحديدا سورية؟
أثبت الإرهاب يوما بعد يوم أنه أداة تستخدمها إيران الحاقدة على العرب والمسلمين بشكل عام، منذ أن انهي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، إمبراطورية الفرس، مما جعلهم حاقدين على هذا الدين وكل ما يمثله، فعملوا على إنشاء وتنظيم المجموعات الإرهابية ودعمها بالمال والسلاح وحتى الغطاء، وآخرها ما يحدث في سورية، فلا اشتباكات مع التنظيمات الإرهابية إلا في حالات نادرة، بينما تندرج عمليات حزب الله وإيران ضد الجيش الحر والمدنيين السوريين الرافضين لبقاء بشار الأسد في سدة الحكم!
في حديث لي مع أحد أبناء مؤسسي حزب الله، أخبرني هذا الشاب بأن قيادة الحزب أصدرت أوامر لعناصرها بألا يقوموا بأي تعنيف لأي أسير يسقط بيدهم من تنظيم "داعش"، بل أن تتم معاملته جيدا ومساعدته، إن كان مصابا، وعندما سألته عن السبب أكد الشاب أن هناك اتفاقات بين الحزب وداعش على التنسيق وتقاسم المناطق في سورية، بمباركة الأسد وإيران، وأن عناصر التنظيم تعتبر صديقة، وأن التنظيم نفسه يبلغ الحزب عن أي مجموعات تحضر لعمليات داخل لبنان أو على حدوده فيتم اعتقالها أو قصفها، وهم في معظمهم عناصر مهاجرة من دول عربية، كتونس والجزائر والمغرب، يتم استخدامهم حطبا لإشعال الجبهات، وخصوصا تلك التي يسيطر عليها الجيش الحر وفصائل المقاومة السورية!
إن العلاقة التي تربط تنظيم داعش بإيران وحلفائها أكبر من أن يصدقها عقل، كما أن حجم التنسيق بينهما يتم على أعلى المستويات. وتحدثت إلى مصادر استخباراتية أجنبية أكدت رصد اتصالات عالية المستوى بين قيادات من تنظيم داعش وإيران على فترات مختلفة، وعن قيام قيادات من الحرس الثوري الإيراني بزيارة دير الزور والرقة، معقل التنظيم في سورية، والتنسيق مع قياداته على تنفيذ عمليات تستهدف تركيا والاتحاد الأوروبي، لزيادة درجة التعصب ضد العرب والمسلمين هناك، وإشغال تركيا بأمنها الداخلي، لتتخلى شيئا فشيئا عن الملف السوري لصالح إيران وروسيا، ولم يستبعد المصدر في الاستخبارات أن يكون زعيم التنظيم أبوبكر البغدادي قد زار دمشق والتقى مسؤولين أمنيين كبارا، بهدف التنسيق في العمليات العسكرية، وتهريب النفط ومشتقاته للنظام داخل الساحل ودمشق!
بعد كل ما ورد في هذا المقال من وقائع ومعلومات نعود إلى إيران التي استطاعت أن تحافظ على أمنها الداخلي، وعدم تعرضها لأي عمليات إرهابية، رغم قتلها الآلاف في سورية والعراق، ورغم مشاكلها الداخلية في الأحواز ومع الأكراد وغيرهم من القوميات المطالبة بالانفصال أو تحقيق بعض المكاسب السياسية، ورغم كبر حدودها مع العراق وأفغانستان، إلا أن إيران وخلال العقدين الأخيرين لم تتعرض لأي عملية إرهابية، مما يؤكد حجم التنسيق والتعاون بينها من جهة، وبين التنظيمات الإرهابية من جهة أخرى.
المطلوب اليوم تشكيل لوبي عربي - تركي، مهمته جمع المعلومات حول التعاون الإيراني مع التنظيمات الإرهابية، وتقديم الأدلة والتفاصيل حول هذا التعاون، وتقديمه للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، ومحاسبة المسؤولين عنه الذين تسببوا بقتل عشرات الآلاف خلال السنوات الماضية وحتى اليوم، ومن منا لا يذكر تهديدات مفتي النظام السوري الذي تحدث عن إرسال الإرهابيين إلى أوروبا لتفجير شوارعها وقتل أهلها، وهو الذي أسهب في الوصف عندما قال إن الانتحاريين الذين هدد بإرسالهم موجودون فعلا داخل أوروبا وينتظرون إشارة من النظام وحلفائه لتنفيذ بعض العمليات التي اعتبرها حقا مشروعا له ولنظامه؟!
كل هذه المعطيات تؤكد أن الإرهاب وجد لخدمة مشاريع إيران الاستعمارية من جهة، وتشويه صورة العرب والمسلمين من جهة أخرى. والتاريخ شاهد على ذلك فمنذ عودة الخميني وإعلانه الجمهورية الإسلامية في إيران بدأ تشكيل التنظيمات الإرهابية واستهداف الدول العربية، ومحاولة شق الصف العربي، عبر زرع تنظيمات إرهابية ذات ميول طائفي إرهابي تخدم مشاريع إيران، وتحقق لها حلمها بهلال شيعي يبدأ عندها ولا يبدو أنه سينتهي في لبنان، فمن نسي محاولة اغتيال أمير الكويت الراحل جابر الأحمد الصباح؟ واستهداف البعثات الدبلوماسية في الكويت وغيرها من الدول؟ من نسي احتلال إيران للجزر الإماراتية وتهديداتها الدائمة باستهداف ناقلات النفط في الخليج العربي؟ من نسي حصول منفذي تفجيرات الحرم المكي على العبوات من إحدى سفارات إيران؟ ونشاط خلية حزب الله في الكويت التي تم إلقاء القبض عليها والعثور على أسلحة بحوزتها حصلت عليها من إيران عبر البحر؟ وطبعا مؤخرا استهداف طهران لمكة المكرمة بصواريخ صنعت في إيران وقُدِمت للحوثي بهدف استخدامها لاستهداف قبلة المسلمين!
هذه هي إيران التي تحدنا من الشرق، والتي غسلت أدمغة بعض الشباب العرب ليلتحقوا بتنظيمات تخدم بشكل أو آخر مخططاتها وأهدافها، هذه هي إيران التي تحلم بإعادة أمجاد الإمبراطورية الفارسية على دماء وجثث أطفال سورية والعرب من المحيط إلى الخليج، هذه هي إيران التي تعتبر من قُتِل في حلب كافرا، ومن قتله يملك مفاتيح تخوله دخول الجنة دون حساب! نعم أيها السادة هذه هي إيران التي يعتبرها بعض العرب مرجعية لهم ويعملون ضد عروبتهم ودينهم لخدمتها.