قرأنا تلك المعارك الكلامية التويترية والتي طار بها الإعلام الغربي والعربي حول الاحتفال بالكريسمس أو تهنئة المسيحيين به، والتي قادها الشيخان محمد العريفي والمنجد، والتي بدت كرد على ما قدمه الشيخ عايض القرني من بادرة جميلة تمثلت في فيديو راق جدا عنوانه "آمنت بالمسيح" شاركه فيه شباب صغار أرجو أن يكون شاهده آلاف المسيحيين الذين يعيشون بيننا ليعلموا بمحبتنا للمسيح عليه السلام، وإيماننا به، وأننا نشاركهم الفرحة والاحتفاء بما تركه للبشرية من قصص ودروس تضيء للعالم المتصارع فرص المحبة والإخاء.
ما حدث يدفعنا للتساؤل: هل هناك واقعة مثل معرفة الناس باحتفال آخرين بيوم معين لغاية معينة ثم تجد أنه فعلاً مر هذا الموقف من قبل ولكن نبي هذه الأمة صلى الله عليه وسلم لم ينه عنه، وذلك يوم وفد على المدينة ووجد اليهود يحتفون بيوم عاشوراء.
ففي صحيح البخاري: عَنِ ابنِ عَباس رَضِيَ الله عَنه، قَالَ: "قَدِمَ النبِي صَلى الله عَلَيهِ وَسَلمَ المَدِينَةَ فَرَأَى اليَهودَ تَصوم يَومَ عَاشورَاءَ، فَقَالَ: مَا هَذَا ؟ قَالوا: هَذَا يَومٌ صَالِحٌ، هَذَا يَومٌ نَجى الله بَنِي إِسرَائِيلَ مِن عَدوهِم، فَصَامَه موسَى، قَالَ: فَأَنَا أَحَق بِموسَى مِنكم، فَصَامَه وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ".
الحديث يبين أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما علم بمناسبة هذا اليوم أصر بحكمته النبوية على المشاركة فيه، بوصفه ورسالته أحق من اليهود بنبي الله موسى عليه الصلاة والسلام، فصامه كما صامه اليهود.
إن تصرفات النبي صلى الله عليه وسلم هي خارطة الطريق ببساطة، فلماذا لم نتعامل مع عيد الميلاد كما تعامل النبي الكريم مع عاشوراء؟
ماذا يفعل المسيحيون في الكريسمس؟ إنهم يشترون الهدايا لكل معارفهم وأقاربهم، يسامحون بعضهم البعض ويجتمعون على عشاء عائلي.
هل كثير علينا كمسلمين أن نتذاكر في هذا اليوم تسامح عيسى عليه السلام ورحمته بالناس وصبره على الأذى ووفاءه لأمه وحوارييه، بل هلا صمتنا عما يجعلنا "نكتة" فجة والعالم يطير بحكاية تحريم تهنئة الزوجة المسيحية بالكريسمس؟
في الحقيقة أشعر بالخجل من فكرة عجزنا عن معالجة موقف سبق أن علمنا النبي الكريم كيفية التصرف فيه، مما يجعلني أتساءل: هل نحن نعاني من صعوبات تعلم أم أصلا نحن لا نستخدم سنته كخارطة طريق في حياتنا؟ ونمر عليها مروراً سطحيا بل يتجاهلها البعض عمداً لإشعال حروب بين الناس وإظهار المسلمين عكس ما يدعون.
إن هذه الواقعة تدل ولا شك على قصور كبير في وعينا بقيمة السنة النبوية، ووعينا بما يحتاجه ديننا في الوقت الراهن لإعادة صورته الكريمة إلى الواجهة، وإعادة مبادئه القيمة للأذهان بعدما عاث فيها "داعش" و"القاعدة" وغيرهما من تنظيمات الموت، وكان الكريسمس فرصة جيدة لذلك.