نشرت صحيفة الجارديان البريطانية أخيرا، دراسة تضمنت كشفا لبعض غموض شخصية المؤلف المسرحي العالمي شكسبير، وقالت أمينة مكتبة فولجر بالعاصمة واشنطن، عالمة المخطوطات المتخصصة في العصر الإليزابيثي الإنجليزي، والباحثة في أدب شكسبير الدكتورة "هيذر وولف"، إن هذا الاكتشاف سيغير من فهمنا لسيرة هذا العبقري، وإن الدراسة تعتبر تقديما مثاليا لظهور أميركا ترمب التي بدأت في الظهور حاليا. وأنه بإمكان فهم شخصية شكسبير، الذي ما كان ليستمتع بالفظائع الجنونية، والرائحة الكريهة للمحسوبية والفساد، للذين يحيطون بالرئيس المنتخب في أميركا، التي تمر بمرحلة انتقالية مؤلمة من عهد أوباما.
دراسة العصر الإليزبيثي
تؤكد وولف، التي وصفها جيمس شابيرو–كاتب أفضل الكتب مبيعا لـ1599–، بـ"شارلوك المكتبة" على خبرتها الجيدة في تفحص مجموعة وثائق أواخر القرن الـ16. موضحة أنه بالإمكان كشف الغموض الذي يحيط بشكسبير، عن طريق دراسة مخطوطة واحدة أو رسالة أو مذكرة يومية للرجل، مضيفة أن أكثر وثائق شكسبير الحميمية تتسم بالسمعة السيئة، وهي التي وصف فيها زوجته بـ"ثاني أفضل سرير". مؤكدة أن رغبتها في دراسة المخطوطة دفعها إلى البحث عن أمور قديمة جدا في العصر الإليزابيثي، وإعادة فتح الملف الذي يتحدث عن الأسلحة التي تم منحها لوالد شكسبير، وأحداث بلدة جولفر الصغيرة في 1596 لتوضيح شخصية شكسبير التي دار حولها لغط كثير، خاصة فيما يُعنى بنسبه وشجرته العائلية كنبلاء، وسعيه للترقي في البلاط الملكي.
النبالة الاجتماعية
كان شكسبير طموحا كي يرتقي في هذا العالم كتاجر محافظ. من بين معاصريه، وكان محبا للترقي الاجتماعي، مغرورا بشجرة النسب الإنجليزية الطويلة، حيث استمر في سعيه وراء الإقرار الرسمي بالنبالة بعد وفاة والده في 1601، وقد عاد شكسبير المغرور إلى الكلية العسكرية. كما استطاع أن يحصد أرباحا بسيطة في المسرح، وكان يشتري ممتلكات داخل وخارج ستراتفورد. وحينها انطلق كي يُرّسخ سمعته "كرجل محترم". وبناء على القوانين التي كانت تحكم الحياة في عهد الملكة إليزابيث الأولى، فإن نبلاء وحاشية الملكة هم من يتم تحقيق أمنية الترقي الاجتماعي هذه لهم. تقول وولف ازددت شغفا بدراسة سعي شكسبير وراء الترقي بعائلته، بعيدا عن انغماسها في عادات وتقاليد أواخر العصر الإليزابيثي بإنجلترا، خصوصا في طبقة النبلاء، في البلاط الملكي الذين كانوا مُطالبين بإدارة الطقوس المعقدة التي تحكم حياة الفرسان والنبلاء الأرستقراطيين المحيطين بالملكة إليزابيث.
انتقادات تكشف الغموض
في 1602 ثار التنافس الداخلي بين "وليام ديثيك غارتر" ملك الأسلحة، ونبيل آخر يسمى رالف بروك، وأصبحت المنافسة علنية بينهما، حيث قام بروك بنشر قائمة تضم 23 "شخصا حقيرا"، أورد فيها اسم
"Shakespeare the Player"، وعندما رأى شكسبير اسمه في القائمة شعر أن سعيه للترقي الاجتماعي أصبح معرضا للخطر، ومحطا للسخرية. وفي هذا الوقت برز منافس آخر لشكسبير يسمى "بين جونسون"، نشر في مقطوعة هجائية له بعنوان "Every Man out of his Humour"، استهزأ فيها بشكسبير، ذاكرا بأنه مهرج يدفع 30 جنيها إسترلينيا مقابل بدلة عسكرية ذات شعار مكتوب عليه "بدون خردل".
وفي هذه النقطة من القصة اكتشفت وولف "الدليل القاطع" أنه قد أصبح من الواضح أن "شكسبير النبيل من ستراتفورد و Shakespeare the Player هما نفس الرجل، بمعنى آخر أن "الرجل الذي أتي من ستراتفورد، هو بالفعل كاتب مسرحيات. وفي النقاشات بخصوص "التأليف" كانت هذه نقطة نقاش ساخنة ومفصلية للتعرف على شخصية الرجل، وهو ما أوضح جميع الأمور الغامضة. وعلى ذلك علقت وولف بحذر قائلة إن اكتشافاتها في المخطوطة قد ملأت الفراغات، مما أوضح شخصية شكسبير أكثر.
رجل نبيل
بحسب وولف، فإن شكسبير هو الرجل الذي "يدافع عما تركه وراءه، ليس ككاتب مسرحيات فحسب، وإنما كرجل نبيل محترم". والإشارات الانتقاصية للأسلحة التي تعود إلى شكسبير الممثل المسرحي، قد أظهرت أنه كان يلعب نفس اللعبة التي يلعبها الآخرون بالأسلحة في تلك الفترة، حيث اشترى قطعة أرض في "ستراتفورد" كي يدعم حالته النبيلة "القديمة"، بدلا من الاعتماد على النجاح المهني". وقبل أن تصل وولف إلى هذه النتيجة كان جميع الباحثين واثقين بأن الرجل الذي سُمي بشكسبير قد وُلِد في ستراتفورد عام 1564 وأنه كان ممثلا كان يتم طباعة اسمه على الإصدارات المجمعة لأعماله المنشورة في 1623. كما أنه قد تزوج "آنهاثاوايو" وتوفي في 1616.