غالبا نجد أنفسنا نتضجر من العمل، ومن علاقتنا بزملائنا ومدرائنا، وقد تخرج كلمة من أحدهم وتسبب لنا استياء كبيرا، وتؤثر حتى على حياتنا الشخصية خارج إطار العمل.
ونبرر كل هذا الاستياء والغضب بأننا نمر بظروف صعبة في عملنا. متوسط ساعات العمل هو 8 ساعات مع إجازة يومين في الأسبوع.
الآن، انظر إلى حياة سائقك وعاملتك المنزلية. مع ملاحظة عدم تحديد ساعات للعمل اليومي، ودون إجازة نهاية الأسبوع، والأصعب من ذلك أنهم مغتربون عن أهلهم وأوطانهم.
أكاد أجزم أن كل من يقرأ هذه السطور -وأنا أولهم- يقول في نفسه "لا، نحن مختلفون عن غيرنا في احترام العاملة المنزلية والسائق". كلنا نعتقد هذا، ولكن هل فعلا نحن كذلك؟
لو كان السائق يعمل من الساعة الـ6 صباحا إلى الساعة الـ6 مساء فقط، فهذه 12 ساعة يوميا.
جرب في يوم إجازتك أن تذهب إلى مشوار بعيد في إحدى المدن الكبيرة والمزدحمة في المملكة، وبمجرد وصولك يُطلب منك أن تذهب إلى مشوار آخر! كيف سيكون وقع ذلك عليك؟ جربي أن تعملي من الصباح إلى غياب الشمس في أعمال المنزل، من تنظيف وطبخ وكيّ ومسح، ثم يُطلب منك بعد كل ذلك تجهيز طعام العشاء، وتنظيف ما تبقى من الصحون والأواني، ووضعها في أماكنها! وتكون كل أيامك هكذا.
تخيل أنك تعمل طوال السنة دون أي إجازة أسبوعية ولو ليوم واحد! مع الأخذ في الاعتبار أن كل كلمة تتفوه بها أو تقولها قد تفتح عليك أبواب جهنم. أنت تعمل فقط، لا يحق لك أن تشتكي، أو حتى تُلمح إلى تعبك، أو تُعبر عن إجهادك. كل شخص فينا يرى نفسه قمة في الإنسانية، ولكن هل نحن فعلا كذلك؟
إذا شعرت بتأنيب الضمير، فحاول على أقل تقدير أن تساعدهم بالأشياء البسيطة التي تستطيع أن تقوم بها بنفسك، ولا تتكل عليهم، فهم بشر مثلنا وليسوا آلات.