في كل عام، وعلى مدى السنوات الـ11 الماضية يطلب المنتدى الاقتصادي العالمي من 750 خبيرا من مجموعة شبكته الخاصة بالخبراء، إعطاء تكهنات، وتحديد المخاطر الاقتصادية العالمية للسنة المقبلة، فجاءت النتيجة في تقرير أصدره المنتدى أنه لم تكن هناك أبدا طائفة أوسع من المخاطر التي شهدها عام 2016، كما أن عدم الاستقرار السياسي كان الأعلى منذ نهاية الحرب الباردة.

وفي الواقع، منذ انتهاء المسح الذي أجراه هؤلاء الخبراء، صارت الصورة تزداد عتمة وسوءا.

لقد صوَّت الناخبون في بريطانيا بأغلبية ضئيلة للتخلي عن الاتحاد الأوروبي، وصوت الناخبون في "الولايات المتأرجحة" الرئيسية في أميركا لدونالد ترمب، قطب العقارات المثير للجدل، على الرغم من أنه خسر التصويت الشعبي بما يقرب من ثلاثة ملايين صوت.

وفي إيطاليا، مُني رئيس الوزراء ماتيو رينزي بهزيمة في استفتاء شعبي حول إصلاحات دستورية جديدة فاستقال من منصبه، وهكذا أحرز الشعبويون في إيطاليا وفرنسا وهولندا وألمانيا تقدما ملحوظا.

ليس الإيمان والتفاؤل بتقدم الاستثمار التجاري في ألمانيا وأوروبا في تراجع فحسب، بل إنه يشمل تقريبا جميع أنحاء العالم الذي شهد انتكاسات صفقات دولية تهدف إلى توحيد قواعد التجارة والاستثمار عبر الحدود. ويعزى السبب لجميع علل العولمة والأسواق المفتوحة إلى الحمائية والقومية المنتشرتين كانتشار النار في الهشيم.

قال رئيس وحدة بحوث الاقتصاد والتوقعات الاقتصادية الدولية في معهد كولونيا للبحوث الاقتصادية، يورجن ماتيس "إننا كاقتصاديين ربما لم نوضح بما فيه الكفاية أن الأسواق المفتوحة، على أساس الصافي، تجلب من المزايا المفيدة أكثر مما تجلبه من خسائر".

قبل 10 سنوات كان المعروف أن الأسواق المفتوحة والتجارة الحرة هما شرطان مسبقان لازمان لفرص العمل والازدهار، لكن هذا الافتراض لم يعُد اليوم واقعيا.

وفي هذه اللحظة، تهيمن وكالات الأنباء الألمانية على عناوين مثل "تراجع التجارة العالمية طلقة تحذيرية"، وتتساءل الإذاعة العامة الوطنية في ألمانيا (دويتشلاند فونك) "هل وصلت العولمة إلى حدودها القصوى؟"، وحملت مجلة "فوكوس" الإخبارية الأسبوعية عنوانا "الاقتصاديون يتنبؤون بنهاية العولمة"، ونشرت مؤسسة "برتلسمان" مؤخرا دراسة لخصتها الصحف اليومية تحت عنوان "الخوف من العولمة يقوي اليمين الشعبوي".

وفي الواقع، إن البيانات الاقتصادية للعام الحالي ليست مُشجعة، خاصة بالنسبة للدول التجارية الكبرى مثل ألمانيا.

ومن جانبها، أجرت منظمة التجارة العالمية تعديلا أخيرا لتوقعاتها لنمو حجم التجارة العالمية في العام على أساس سنوي من نسبة 2.8 إلى1.7%.

ويتنبأ بعض الاقتصاديين الآن بانتهاء عصر العولمة، ويقولون: إن من بين الأدلة على ذلك الحمائية الجديدة، مع الدول التي تتبنى تدابير تستهدف امتياز الصناعات المحلية، مثل الإعانات المفتوحة والمخفية، ورسوم التصدير، وقواعد للحفاظ على الموظفين الأجانب المؤهلين تأهيلا عاليا لأسواق العمل المحلية.