يقول الدكتور "عبدالعزيز المقالح": مدن الأرض مثل النساء، ومثل البحيرات غاضبة صلفات، وأخرى كما الضوء في همسه ناعمات، هنا مدن في عراء الجنون، هنا مدن في صفاء السكون، وخلف المدى مدن لا تثير اشتهاء الكلام، ولا ترتقي في كتاب الهوى لتكون إذا جئتها وردة أو قصيدة"، ولكن "أبها" تختلف عن مدن المقالح الصلفات والغاضبات، ذوات الوجوه اليابسة، فهي ضاحكة كزهور الأرض، حاضرة في قلب الحياة، راسخة في تخوم الزمن، مدينة لدروبها رائحة الحنين، ولشرفاتها فرح النهار، ولترابها عبير الفراديس، تبللها قطرات الندى فتركض حافية لتغسل قدميها تحت سفوح الجبال، ومزاريب السواقي الدافقة، تنام وتصحو على المعازف الفاتنة والمدوزنة على لغة الينابيع، ورقص الكائنات الخضراء، تعبر الدهور كأهزوجة دافئة من عرق الأسلاف، لها غناء لا يشبه الغناء، فيه رجفة المعنى، وخيال الروح، ورحيق الطين، لذا تحولت إلى"ملهمة" وسنبلة وخبز للشعراء والحالمين، إنها حنطة المغرمين، وفاكهة العشاق، وشجر العصافير الجذلى، لها تنحني الكلمات والحروف، وأبجديات اللغة، وعطر الكلام، وعلى جسدها ترف فراشات الشعر، وأنفاس العواطف، وأباريق الوله الدفين، أذهلتني هذه الأسفار والنصوص والبيادر والمشاعر والبوح الشفيف عن هذه السيدة "أبها"، قرأت الكثير مما قيل فيها "شعرا"، منذ فجر الكون واخصرار اللون، وما استوطن ذوائب فستانها من زعفران القول، وشقائق الدهشة، ونوافير الضوء، ترى لو أقيمت احتفالية تحت مسمى "جائزة أبها الشاعرة"، تكون حورية السروات مقصدا ومحورا للمضمون الشعري، وألق الشعراء وإبداعاتهم وإشباعاتهم الذوقية والجمالية، وقدرتهم على كتابة نص موح، ومقاربة آسرة مع هذا "المخلوق"الوسيم، والحلم الطري، والبهاء الساطع، مع ما يصاحب ذلك من دراسات نقدية، وفعاليات قرائية، ومدركات معرفية، وروافد حيوية تحرك سواكن الذاكرة الشعرية، يقول الباحث والناقد "حسين بافقيه" عن أهداف الجوائز: "تحويل مناخ الجائزة الخصب إلى ساحة حرة للسجالات الأدبية والعلمية، وتداول الآراء النقدية، من خلال طرح فكري منفتح على مختلف التوجهات، تحويل موسم إعلان الجوائز الأدبية المحلية إلى حدث ثقافي جماهيري، الخر وج بالجائزة من الطابع النخبوي إلى الشعبية، استزراع نوافذ فكرية وأدبية جديدة كوسيلة من وسائل إشاعة المعرفة".

ويقول الشاعر "جاسم الصحيح":

"أبها" وما خان هذا الاسم روعته  

منذ البهاء على أعضائك انسكبا

يقال كنت هنا يوم الذرى لثمت 

أقدام أول فجر فوقها لعبا

الفجر شاخ وما شاخت برونقها    

هذي الجبال ولا إكسيرها نضبا