في 19 ديسمبر الحالي دعا مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالإجماع مسؤولي الأمم المتحدة لمراقبة إخلاء الآلاف من السكان والمقاتلين من المناطق التي كان يسيطر عليها الثوار المعارضون لنظام بشار الأسد في مدينة حلب، وهي عملية بدأت قبل بضعة أيام. وبمساعدة حلفائه استطاع نظام الأسد السيطرة على حلب التي تُعد أكبر مدينة في سورية. وعموما تبدو الحرب الأهلية السورية المستمرة منذ ست سنوات تقريبا تتجه نحو مرحلة جديدة.
لقد فرض الأسد وحلفاؤه - روسيا وإيران وميليشيات شيعية من لبنان والعراق- حصارا طويلا تخللته غارات جوية وقصف مدفعي، على الأجزاء التي تسيطر عليها العناصر المعارضة في حلب. وأشار الأسد إلى أنه قد يستفيد من ضعف خصومه، للتحرك ضد مناطق أخرى يسيطر عليها المعارضون في شمال سورية.
يدل سقوط تدمُر على أن تنظيم داعش بعيد كل البعد عن الهزيمة - وأنه يستعد للاستفادة من الموارد العسكرية السورية والروسية والإيرانية في جميع أنحاء سورية. وفي الواقع أن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب سيواجه مهمة معقدة في محاولته الحفاظ على تعهده لهزيمة تنظيم داعش، خصوصا في سورية.
وبعد سقوط شرقي حلب، هناك دلائل تشير إلى تقسيم ناشئ بين إدارة ترمب المقبلة والرئيس الروسي فلاديمير بوتين للعمل في سورية. ففي حين ستواصل روسيا هجماتها الجوية المكثفة ومساعداتها اللوجستية للأسد لاسترداد الأراضي التي استولت عليها العناصر المعارضة، فإن الولايات المتحدة ستأخذ زمام المبادرة للحرب ضد تنظيم داعش. في 10 ديسمبر الحالي، أعلن وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر أن الوزارة سترسل 200 من القوات الخاصة لسورية -ليصبح المجموع 500 جندي أميركي على الأرض- للمساعدة في تدريب وتقديم المشورة لجماعات المعارضة السورية الذين يقاتلون داعش، خصوصا حول مدينة الرقة.
لقد توسَّعت الحرب الأهلية السورية إلى حرب إقليمية بالوكالة تشمل روسيا وإيران وتركيا وقطر والولايات المتحدة. وقد استهدفت روسيا وإيران فصائل الثوار المعارضين للأسد، بدلا من محاولتهما إزاحة داعش من معاقل لها.. وفي الآونة الأخيرة، كثفت واشنطن ضرباتها الجوية ونشرت قوات خاصة لتعبئة جماعات المعارضة السورية، التي تقودها أساسا ميليشيات كردية، للإطاحة بالجهاديين المتطرفين في الرقة. ويقول مسؤولو البنتاجون إنهم سيكونون على استعداد لضرب داعش في تدمر إذا فشلت القوات الروسية والسورية في استعادة السيطرة على المدينة في وقت قريب.
يبدو أن إدارة ترمب الوليدة تريد تجنُّب أن تصبح غارقة في حرب معقَّدة في سورية، حيث أشارت إلى أنها ترغب في استمرار روسيا اتخاذ زمام المبادرة، لكن قوى أخرى قد تحاول سحب واشنطن بصورة أعمق في الصراع، أو استخدامها للقوة المشروعة.