تعالت بعض الأبواق في القنوات والصحف ووسائل التواصل الاجتماعي، توجّه أصابع الاتهام بتقصير السعودية في قضية حلب، وأنها لم تبادر إلى رفع الظلم، بل تمادى البعض ووجّه التهم بأن السعودية تعرقل مساعي حل الأزمة السورية، ونسي هؤلاء أن السعودية حكومة وشعبا هم أول من ساندوا القضية السورية منذ بدايات قمع الطاغية بشار للمعارضة، واستناده على مبدأ الإبادة الجماعية، واستخدام الأسلحة الكيماوية، والحرق بالبراميل المتفجرة، من أجل إيهام نفسه بأنه بذلك يستطيع أن يقمع إرادة الشعب السوري الذي ثار ضد طغيانه وجبروته.
وبعد أن أسرد بالأرقام بعض ما قدمته السعودية من أجل سورية، أتمنى أن أجد أحدا من هؤلاء الذين يعلنون تخاذل السعودية في القضية السورية، أن يأتيني بأي دولة في العالم قدمت لسورية وللقضية السورية فقط ربع ما قدمته السعودية.
منذ بداية الأزمة السورية، استقبلت السعودية أكثر من 2.5 مليون سوري، ولم تعاملهم معاملة اللاجئين، كما تفعل بعض الدول التي تحاصرهم في الخيام، بل استقبلتهم استقبال المضيف الكريم لضيفه، ولم تسجلهم في الكشوفات العالمية كلاجئين، وكأرقام تتباهى بها في محافل الخدمات الإنسانية وجمعيات حقوق الإنسان، كما تفعل الدول الأوروبية التي يبلغ مجموع عدد اللاجئين الذين استقبلتهم 428 ألفا فقط، بينما السعودية استقبلت 5 أضعاف هذا العدد، واحتضنتهم في بيتها كما يفعل الشقيق مع شقيقه، وسمحت لهم بالعمل في كل المجالات، ورغم أن البعض منهم كان لديه فقط تأشيرة زيارة أو عمرة، وعندما لم يغادر قبل انتهاء مدة الزيارة، وتقديرا لظروف بلادهم العصيبة منحتهم الحكومة فرصة لتحسين أوضاع إقامتهم أسوة بالمقيمين النظاميين مع السماح لهم أيضا بمزاولة العمل، ومنحتهم التعليم العام المجاني حتى بلغ عدد الطلاب السوريين في العام الماضي في المدارس السعودية العامة أكثر من 124899 طالبا وطالبة، وأمر خادم الحرمين الشريفين بقبول 100 ألف طالبة وطالبة سورية في الجامعات السعودية، وسمحت لكبار السن منهم بالالتحاق بمدارس محو الأمية مجانا، ومنحتهم العلاج المجاني أسوة بالمواطن السعودي.
السعودية لم تكتف بدعم المتضررين من الأزمة السورية داخل حدودها، بل حملت أدويتها وغذاءها ومعوناتها النقدية والعينية وذهبت إليهم في كل مكان، في مخيمات اللاجئين في لبنان وتركيا والأردن، وسخرت كل إمكاناتها السياسية والإعلامية لخدمة القضية السورية.
كذلك، فقد أعلنت السعودية أنها مستعدة للتدخل العسكري برّيا في حالة دخول تحالف دولي لمواجهة التنظيمات الإرهابية التي وجدت في سورية بيئة آمنة تحت حماية نظام بشار القمعي، وتحت حماية الميليشيات الإيرانية التي سمح لها بشار باستباحة بلاد الشام، بحجة دعمه في محاربة الإرهاب، ولكنها في الواقع دخلت لتغذية الخلايا الإرهابية، ودعمها عسكريا وتدريبها وحمايتها.
السعودية كانت دائما وأبدا مساندة للشعب السوري في التصويت تحت قبة مجلس الأمن الدولي، وتستغل مكانتها السياسية والاقتصادية للضغط على القوى الدولية للتصويت على قرارات تتوافق مع إرادة الشعب السوري، وكل ما ذكرته سابقا ليس جردا لما فعلته السعودية من أجل سورية، بل هو بعض ما تحمله ذاكرتي، هو بعض مما عجزت أن تقدمه كل دول العالم بأجمعها لسورية وللإنسان السوري، وهو بعض مما عجزت أن تقدمه دول وحكومات بائعي الذمم، أو من أعماهم الحقد فحاولوا طمس الحقائق والتاريخ، وهذه بعض الحقائق البسيطة مما قدمته بلادي لسورية.. فماذا قدمت حكوماتكم أنتم؟!