أشكر لصاحب المعالي، رئيس مجلس الشورى، وللدائرة الإعلامية بالمجلس عظيم التفاعل والتجاوب مع مقالي مطلع هذا الأسبوع عن الصورة النمطية السالبة في المخيال المجتمعي عن المجلس. تحدثت بالأمس طويلاً مع المتحدث الرسمي باسم المجلس، الأخ الدكتور محمد المهنا، وطلبت منه نقل شكري لمعالي الرئيس، وقلت له بالحرف الواحد: إذا كانت الصورة ضبابية حتى لدى قادة الرأي العام وكتاب الشأن العام فكيف بها في أعين بقية الشرائح المجتمعية. قلت له إنني على ثقة تامة أن السواد الأغلب من التشريعات وإضبارات الأنظمة والقوانين التي باتت سارية نافذة في مفاصل جهازنا الإداري الوطني قد ابتدأت بالتأكيد أوراقها الابتدائية الأولى من تحت قبة المجلس. مشكلة المجلس الموقر في تسويق منجزاته تكمن في معاملين: الأول أن ما يقرره المجلس من تشريعات وأنظمة تخرج من القبة ولكنها لا تصدر إلى العلن والجمهور إلا عبر بقية المؤسسات التنفيذية الوطنية الأخرى، وبالتالي قد لا يدرك المجتمع حجم جهود المجلس الموقر وساعات عمله الطويلة جداً حتى الصياغة النهائية لهذه الأنظمة. هو في هذه الحالة، واعتذر عن التشبيه، يماثل العلاقة ما بين المطبخ وبين صالون الطعام. الثاني، أن من ينقل إلينا أخبار المجلس ونقاشات جلساته هم كوادر صحافية وإعلامية غير مدربة أو مؤهلة لفهم طبائع العمل البرلماني الذي يحتاج بالفعل إلى خبرات ميدانية متخصصة. وحين قال لي بالأمس، الدكتور محمد المهنا، إن لدى المجلس مندوبي ما يقرب من 30 وسيلة إعلامية من الصحافة الإلكترونية، أجبته فوراً: إن لديكم 30 مندوب إثارة كل همهم أن يخرجوا لصحفهم الإلكترونية بعنوان براق مستفز. وبعدها يصبح المجلس الموقر في مواجهة هجوم واسع من أهم عشرة كتاب في الصحافة الورقية، هم من يشكلون توجهات الرأي العام وبوصلة استقباله للصورة. أستطيع أن أضرب لكم وللمجلس عشرات الأمثلة من العناوين المبتسرة التي حولت مجلسنا الموقر إلى قضية رأي عام، لأن عشاق الإثارة نقلوا إلينا لقطة المقطع الأخير للتصويت داخل القبة ولكنهم في غيبوبة عن كل ما كان من مشوار الدراسة الطويلة قبل رفع الأصابع بالتصويت مع أو ضد. سأعترف لكم مثلاً، أن مقالي السابق مطلع الأسبوع قد نسب إلى معالي رئيس المجلس بعض ما يقال ثم اتضح لي أن هذا ليس من صلاحياته بحسب المجلس. وقد يشفع لي عن عدم الاعتذار أنني مثلكم جميعاً ضحية الصورة الغالبة لدى الكل عن حقائق ما يدور في المجلس كقبة أسمنتية مقفلة أمام راغبي نقل الحقائق الواقعية المطلقة، سواء أكانت هذه الحقائق سالبة أو موجبة. وكل ما أتمناه أن يفتح المجلس "كارادوراً" آمناً مفتوحاً إلى الشرفة العليا أمام المواطن وأمام زيارات المدارس وأساتذة الجامعات وكتاب الرأي.

أختم: في المرة الوحيدة التي حاولت فيها الوصول مللت وهربت قبل البوابة الثانية.