في حين تزداد الأقاويل حول القرصنة الإلكترونية الروسية خلال انتخابات الرئاسة الأميركية 2016، يجب على الولايات المتحدة أن تكون حذرة من اللجوء للانتقام، لأن العالم بحاجة إلى اتفاقات تقلل الخوف من الحرب الإلكترونية.

 ولقد وعد الرئيس باراك أوباما بالرد "المناسب" لروسيا إزاء الهجوم الإلكتروني على لجان العمل السياسي للحزبين الديمقراطي والجمهوري خلال انتخابات 2016. وفي بعض النواحي تبدو معضلة أوباما حول كيفية الرد مماثلة لتلك التي واجهت الرئيس جون كنيدي عام 1962 في ذروة الحرب الباردة. وعندما وضع الاتحاد السوفيتي صواريخ ذات قدرة نووية في كوبا، كان كنيدي يتساءل: إلى أين سيؤدي الانتقام؟

فلقد لقَّنت المواجهة الخطيرة خلال الأزمة الكوبية موسكو وواشنطن درسا عن اعتمادهما على الخوف من الدمار المؤكد والمتبادل بالأسلحة النووية، فمثل هذا الخوف ليس مجرد جنون، بل يمكن أن تكون له عواقب وخيمة.

بحلول عام 1964، بدأت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي مفاوضات أدت إلى أول اتفاق لوضع قيود على الأنظمة النووية والصاروخية. وتبع ذلك مزيد من الاتفاقات التي من بينها اتفاقية الاستخدام السلمي للطاقة النووية. وربما تتوصل روسيا والولايات المتحدة إلى نقطة مماثلة في وضع قواعد دولية لمنع الحرب الإلكترونية وتعزيز استقرار "السيبرانية". ولقد وضعت الأسس لمثل هذه الاتفاقيات.

وقَّع حوالي 68 بلدا على "اتفاقية بودابست" بشأن جرائم الإنترنت عام 2001. وفي عام 2015، توصلت الصين والولايات المتحدة إلى اتفاق رسمي يقضي بأن على جميع الدول ألا تدعم السرقة "السيبرانية" لتحقيق مكاسب تجارية.  وقد أكد منتدى "مجموعة الـ20" أن القانون الدولي ينطبق على سلوك الحكومات في الفضاء الإلكتروني. وفي الوقت نفسه، تجري لجنة الأمم المتحدة، المعروفة باسم فريق الخبراء الحكوميين محادثات بشأن وضع قواعد لجميع ما يتعلق بمجالات الاتصالات الإلكترونية.

في كتابه الجديد "تأمين الفضاء الإلكتروني-الدولي ومنظور آسيا"، كتب الخبير الأمني الهندي أرفيند جوبتا قائلا: خلافا للمجالات الأخرى، الأرض والبحر والفضاء التي وضعت لها قوانين دولية فورية، فإن الفضاء الإلكتروني لا يزال ينعدم فيه القانون إلى حد كبير. فلذا، إن مناقشة مستمرة من قِبل الخبراء الدوليين أمر ضروري لتوليد الأفكار بشأن سُبل المضي قدما نحو بناء توافق في الآراء بشأن قضايا "الأمن السيبراني".

أما رد باراك أوباما على القرصنة الروسية فيُمكن أن يكون لحظة حاسمة، ليس للانتقام ولكن لمفاوضات سلام بشأن الفضاء الإلكتروني.