يرتكب نظام بشار الأسد في سورية جرائم حرب مرعبة ضد المدنيين تتراوح بين القتل الجماعي بـالبراميل المتفجرة وبين التعذيب الممنهج، والحصار والتجويع حتى الموت والاغتصاب بحق النساء والأطفال في مراكز الاعتقال. ولقد تعرَّض حتى الآن، نحو 500 ألف سوري للذبح، و6 ملايين للتشرد داخليا، و5 ملايين أخرى أجبروا على الفرار كلاجئين عبر الحدود. وهذا ما يمكن تسميته بــ"الإبادة الجماعية".

وبمساعدة من الجيش الروسي والميليشيات الإيرانية، ذبح نظام الأسد مدنيين غير مقاتلين على نطاق واسع ينافس الإبادة الجماعية في رواندا والبوسنة. وهذه تُعد أكبر كارثة إنسانية على نطاق واسع. سرَّبت روسيا وإيران الأسلحة ووفرتا التدريب والتمويل للنظام السوري. وحققت مساعدتهما انتصارا لبشار الأسد، مما يدعم استمراره في السُلطة السياسية بأي ثمن.

من المؤكد أن بشار الأسد قد حصل على لقب "وحش القرن الجديد"، فهو الرجل الذي ورث الرئاسة عن والده عام 2000 وورث كذلك ميل والده للعنف. وحتى حافظ الأسد كان يتفاخر بذبح 20 ألفا من المدنيين في مدينة حماة، تاركا الجثث تحترق على الأرض لعدة أيام بعد مغادرة قواته المدينة، قاصدا بذلك نشر الرعب، والتأكيد بأن السوريين لن يجرؤوا مرة أخرى على تحدي حاكمهم. ولكن الابن تفوق على أبيه: حيث مارس بشار الحُكم بقبضة من حديد مقرونا بالفساد ومدعوما بالطائفية، ومشمولا بنظام على غرار المافيا، وهو بذلك يكون قد تجاوز وحشية والده.

لقد ارتكب نظام الأسد بوقاحة جرائم حرب جسيمة ضد شعبه، حرق بعجرفة المدنيين وهم على قيد الحياة في الشوارع بالقنابل الحارقة بهدف إلحاق أكبر ضرر إرهابي بمعارضيه. وبهذه الأساليب الإرهابية، يكون الأسد قد رمى في غياهب النسيان التجربة الديمقراطية التي بدأت سلمية في عام 2011، والتي كان من الممكن أن تصبح شعاع أمل للمجتمع المدني في العالم العربي.

من الأهمية أن نتذكر أن الانتفاضة السورية بدأت كحركة سلمية، قام بها مئات الآلاف من المواطنين خرجوا للشوارع مطالبين فقط بتحقيق العدالة الاجتماعية والإصلاح السياسي وحرية التمثيل الديموقراطي، مثل نظرائهم في تونس.

وردَّ نظام الأسد بإطلاق العنان لجهاز أمن الدولة للتعامل الصارم مع كل من يتجرأ على تحديه. وبهذا تحولت الانتفاضة السلمية إلى أزمة، ثم إلى حرب أهلية وحشية، حيث تم اعتقال المدنيين والنشطاء المؤيدين للديموقراطية، وتعرضوا للتعذيب، والقتل الجماعي.

لقد سمح الأسد لروسيا بحرق شرق حلب، في مخالفة لكافة القوانين والأعراف الدولية، مما يُذكرنا بالجرائم ضد الإنسانية المتمثلة في الإبادة الجماعية التي ارتكبت في البوسنة ورواندا. 

إن الفشل الكامل لدعم أو رعاية الحركة الديموقراطية السورية يُعد مأساويا في حد ذاته. لكن الفشل اللاحق في اتخاذ تدابير فاعلة لوضع حد للحرب الأهلية -أو حتى إجبار الأسد على التمسك بقواعد الحرب- يُمثل الانهيار الأخلاقي لمنظومة المُثل والمبادئ والقيم الإنسانية.