لم أكن مقتنعا بما كان يردده صديق مصري في كل مرة تثور فيها قضية جدلية في بلده، خصوصا في مجال الفتاوى الدينية التي تصعد فضائيا بشكل مضحك، حيث كان يهز رأسه قائلا: " يا أخي كلما زاد الشعب جوعا، ورفع درجة المطالبة بلقمة العيش، أوعز لأحدهم لإلهاء الناس بفتوى.. فالشعوب العربية سهلة الانقياد وما عليك سوى رمى طعم لها هنا أو هناك، وهي ستبتلعه بدلا من الخبز وربما شربته بديلا للماء النقي".
ولكن تجدد المعارك الإعلامية و"الاحتسابية" التي يشهدها مجتمعنا السعودي بسبب قضيتين لا ثالث لهما "السينما" و"المرأة"، وإشغال التنمية الوطنية في جميع المجالات بهاتين اللازمتين اللتين شوه تناولهما المكرور/ الممجوج صورة وطننا يثير الكثير من التساؤلات المشروعة من قبيل: هل هناك من يتعمد استغلال هشاشة البنية الفكرية والتعليمية لكثير من الفئات الاجتماعية ليحول بعض المصطلحات والقضايا الخلافية التي ألبست رداء معينا في أزمنة سابقة لأهداف مرحلية، إلى ثوابت ثقافية ودينية وكأنها من أركان الإسلام؟ والدليل "الانتفاضة الوطنية" التي أثارها خبر صحفي، عن صالة صغيرة في سوق تجاري بالمنطقة الشرقية استغلت لعرض بعض أفلام الكرتون التي تباع في"سيديهات" في كل مكتبة قرطاسية، فانتفض الإعلام واستغاث المحتسبون بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التي أوفدت فريقا متخصصا لفحص المكان والتأكد من الخُبير الصحفي الذي قد يتحول إلى "كارثة وطنية" في حال ثبت صحته.
ولكن ـ ولحسن حظ البلاد والعباد ـ فإن وفد الهيئة أثبت أن هذه الغرفة لا تمت لدور السينما بأي صلة، فعاد الهدوء واستقرت الأوضاع، إلى أن يفكر أحدهم في انتفاضة أخرى قد تشغل البشر عن الحديث في ارتفاع الأسعار وزيادة التضخم..!!
ولأنني مواطن يحق له اقتراح حلول جديدة لـ"تسلية" أفراد مجتمعه أرى أن تتبنى المشروع المقبل لـ"الغرفة السينمائية" وزارة العمل بصفتها أكثر وزارة في البلد تتعرض للهجوم المستمر، حيث يقف على أبواب فروعها في مختلف مناطق المملكة مئات العاطلين يوميا، الذين يسلمون ملفاتهم لها، ثم يدعون عليها، وعلى من لم يمنحهم فرصة العمل، ولذلك فأسلم طريق لكي تسلم من "شرور" هؤلاء ولو فترة محدودة ـ حتى يأتي مندوب الهيئة وبيده الشمع الأحمر (عفوا الأبيض) ـ هي فتح "غرف سينمائية" بعيدة عن فروعها المعتمدة، لكي يتسلى بها الجميع بعيدا عن أبواب العمل وطلب الرزق، بشرط ألا تضع عليها أي إشارة توحي بأنها كانت وراء هذه " الفعلة الخطيرة ".