كل مواطن على هذه الأرض، يتمنى الخير لبلده، بشكل أو بآخر، سواء كان في موقع يسهم فيه بصناعة القرار، أو مشاركاً في التنمية. فكلنا يهمنا أن تكون بلادنا آمنة مستقرة، ومنارة للعلم والحضارة والمعرفة. وهذا ما تضمنه خطاب الملك، في افتتاح أعمال مجلس الشورى، في دورته " السابعة"، مؤكداً بأن أمن واستقرار الإنسان السعودي ونهضة المملكة، هو الهدف الوطني المشترك، الذي يسعى إليه المواطن والقيادة معاً.
وبعد أن ضُخت في المجلس دماء جديدة، نتطلع أن تستثمر الثقة الملكية، ببناء جسور من الثقة بينهم وبين المواطن، لتغيير الصورة الذهنية عن مجلس الشورى للأفضل.
فأسوأ ما يفعله أي إنسان في موقع تكليف، أن يصطدم مع المواطن ويستفزه، بدلاً من أن يكسبه في صفه. حتى لو كان المواطن لا يعرف جميع الحقائق، من واجب المسؤول، أو من في محل صنع القرار، أن يصارحه بشفافية، ويناقشه، بلغة مبسطة خالية من المصطلحات والتعقيد.
وأرى بأن على الإخوة والأخوات الأعضاء اليوم، مسؤولية تعزيز تلك الثقة بين المجلس والمواطن، بجودة وثقل الأعمال والتوصيات التي يتناولونها، بحيث تصب في مصلحة الوطن وأبناءه. وليس استفزاز المواطن، أو إلقاء إخفاق القطاعات الحكومية على عاتقه. مثل ما حدث في الدورة السابقة. حين شهد المواطن كمية غير مسبوقة، من التصريحات الفردية الاستفزازية، التي لم تحدث سابقا بهذا الكم. حيث بالغ بعض الأعضاء، بالمزايدة بوطنيتهم بطريقة ممجوجة، بدلا من الاصطفاف معاً، في قرار يصب في مصلحة المجتمع.
فمهاجمة المتقاعدين في تصريح " كفاية دلع، واقتراح تسمية الشوارع بأسماء أعضاء الشورى، والمطالبة برفع أسعار البنزين زيادة إضافية، ورفع الدعم عن الخبز، وفرض رسوم لإزالة النفايات. والسكن ليس حق للمواطن، وربط حوافز المعلمين بمستوى الطلاب. وحجب مكافآت الطلاب. والاهتمام بعباءات المذيعات. كانت تصريحات صادمة للأسف وغير موفقة، أظهرت ضيق أفق أصحابها. ولا ترتقي لمستوى الثقة الملكية. وكل ما أحدثته، أن وسّعت الفجوة بين الشورى والمواطن. لأنها لم تلمس بعض من همومه اليومية. ولم نسمع من نفس هؤلاء الأعضاء طوال عضويتهم، توصيات، أو مسائلات أقوى لوزارة العمل والتعليم والصحة. أو ابتكار حلول وأفكار إبداعية. بل أضاعوا بتصريحاتهم الشخصية، الجهود التي بذلها أعضاء آخرين، كنا نتابع حراكهم داخل المجلس، ما جعل المواطن يصاب بخيبة أمل. وأكثر ما كان يبعث على الإحباط، موقف عدم التصويت، فحين تنشر الصحف، عدد الأعضاء الذين رفضوا التصويت كنا نستغرب، كيف لعضو حصل على الثقة الملكية، أن يختار التعسكر في المنطقة الرمادية. ودوره داخل المجلس إبداء المشورة والفصل بصوته في المواضيع المطروحة. لذلك من المهم، أن يستفيد المجلس في هذه الدورة من تلك الأخطاء، لضمان أداء أكثر تناغماً وقوة.
أبارك التجديد للأعضاء السابقين على الثقة الملكية الجليلة، التي تدل على أن جهودهم، كانت ملموسة، وتسلك المسار الصحيح. وللأعضاء الجدد على اختيارهم لهذه المهمة. وبطريقة كُتاب الرأي، نرحب بالجميع بالتذكير ببعض الملفات العالقة باختصار شديد، متمنين أن يتم حسم أمرها هذه الدورة. لأننا تأخرنا كثيراً.
(ملف البطالة)، وضرورة إلغاء (البند 77). وتعويض المتضررين من هذا الخطأ الفادح، الذي تسببت فيه وزارة العمل. ملف «بديلات الدفعة الثالثة» وإكمال تعيينهن، حيث صدر أمر ملكي عام 1434 بتثبيتهن على 3 دفعات، تم تعيين الدفعتين الأولى والثانية، وتعثرت الدفعة الثالثة ولم تُثبت إلى الآن، فظلت البديلات تراجع وزارة التعليم في الأعوام الثلاثة الماضية دون جدوى، وفي النهاية، تم تحويل قضيتهن إلى وزارة الخدمة المدنية. ملف بطالة المهندسين السعوديين، الذي وصل عددهم لأكثر من 6 آلاف مهندس. وبطالة خريجي الدبلومات الصحية.
و(ملف تطوير التعليم)، لماذا لم نر إلى الآن، أثر التطوير على المناهج، وطرق التدريس. ومتى سيتم تدريس اللغة الإنجليزية من الصف الأول. ولماذا لم توفر وزارة التعليم إلى الآن، مسار دولي بجانب الوزاري في المدارس الحكومية. ونريد أن نعرف أين وصل (ملف التأمين الصحي)، مع العلم بأنه تم الانتهاء منه، منذ زمن الوزير الأسبق حمد المانع، والذي توالى بعده 6 وزراء ولم نسمع شيء عن المشروع!
و(ملف تعديل الرواتب) متى سيتم دمج البدلات التي ألغيت، بالراتب الأساسي، والتي وضعت منذ البداية، لمعالجة انخفاض الراتب الأساسي. وتم احتسابها أثناء الهيكلة الاقتصادية "كهدر". ومتى سيصبح لدينا، كادر لكل وظيفة داخل المملكة بسلم رواتب محترم. وأيضاً، (ملف تجريم الكراهية)، التوصية التي دخلت المجلس ولم تخرج، والتي يحتاج لها مجتمعنا بشدة، في هذا الوقت المليء بالفتن. وملفات أخرى كثيرة لا تسع المساحة لسردها هنا.
أمامنا جميعاً، تحديات وتوقعات، فنحن شعب طموح، نتوقع الكثير من المسؤول، ومن يسهم في صنع القرار. نحن اليوم بحاجة لإنجازات، أكبر من التصريحات الشخصية، لتغير حياتنا ومجتمعنا إلى الأفضل، لا تزيدها بؤس وفقر وكآبة. متفائلين بغد مشرق، وبأن هذا العدد الكبير من العقول والهمم في المجلس، سيذلل جميع الصعاب التي من الممكن أن تواجهه، ويحقق نجاحاً وتقدماً على جميع الأصعدة.