في وسط الأحداث العصيبة التي يمر بها العالم العربي، رغماً عنك ستغرق. رغماً عنك ستجد صعوبة في أن تتنفس كما ينبغي لك، لأن تحدد ما هية الأحداث المتراكمة، ما الصحيح وما هو الخطأ؟ ولماذا كل هذه الأحداث تأتي دفعة واحدة؟ قتل هنا وهناك، ففي حي العباسية الشهير بوسط العاصمة المصرية القاهرة، تم تفجير الكنيسة البطرسية الملاصقة للمقر البابوي في الكاتدرائية المرقسية، وحلب تموت بوحشية وقسوة بفعل النظام، ومجلس الأمن الدولي يقود اجتماعا طارئا وعاجلا من أجل إنقاذ حلب، وقاض في دائرة الأوقاف والمواريث بمحكمة القطيف الشيخ محمد الجيراني يختطف في القطيف، وفتاة مراهقة تتحدى الأعراف والقوانين وتخرج من دون عباءة في الرياض، واكتشاف عامل يعمل في مطعم في حائل يحمل فيروساً خطيراً، كل هذه الأحداث لا يمكن لقلب الإنسان الطبيعي جداً أن يتحملها، فما بالك بمن هم في وسط هذه الأحداث المريرة، سواءً أكانت الكبيرة منها أم الصغيرة، والتي لربما لا تمثل للبعض أهمية، ولكني أجدها بمجمل عام أحداث مقلقة وصادمة ومفزعة للغاية، وقلوبنا بالتأكيد تتشارك الحزن الذي لف مصر الحبيبة، وفي حلب لا نطلب سوى أن تكون هناك قرارات دولية صارمة ضد هذا الحكم الباغي العابث، ومساعدة حلب للخروج من هذه الحرب المدمرة، أما القاضي الجيراني فإني، وأنا أكتب المقال، أشعر بأمل كبير، بأنه بإذن الله سيعود إلى أهله في أسرع وقت، وسيتم القبض على من قاموا بخطفه، وذلك لأني واثقة بالله أولاً، ثم إن ثقتي وثقة كل سعودي برجال الأمن في وزارة الداخلية لا يمكن لها أن تهتز، وإنهم قادرون على كشف اختفاء القاضي بأسرع وقت.

أما قضية الفتاة الشابة التي كتبت عبر تغريدة لها في حسابها الرسمي بـ"تويتر"، بأنها ستخرج صباحاً بدون عباءة، وستلبس تنورة مع جاكيت أنيق، وستبدأ رحلتها بإفطار ماكدونالدز ومن ثم قهوة وسجائر مع صديق، وستزور محلاً لتشتري نظارة، وبعد هذه التغريدة الطامحة لمذاق الحرية، نشرت صورة لها في شارع التحلية لتؤكد على ما كتبته، وعقب متابعتها لأسابيع تم نشر خبر القبض عليها قبيل أيام، وهو ما كان متوقعا، وليس بغريب أن يتم القبض على أي مخالف لقوانين الدولة، الفتاة خالفت القوانين ونشرت ما هو مخالف، ولكني لا أتوقع أبداً أن تظل حبيسة جدران السجن، لأنها قانونياً قد خرقت القانون ولم تفعل أكثر من ذلك، وربما لصغر سنها وعدم وعيها، يمكن عقد جلسات نفسية واجتماعية لها لتوضيح الصورة التي تغفل عنها بعض المراهقات.

ففي كل دولة هناك قوانين صارمة لا يمكن المساس بها أو التعرض لها، وربما أبدو مثل البقية وأعيد وأكرر ما قاله الجميع عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، بأن بعض الدول الأوروبية تم احترام قرارها من قبل العديد من الجاليات المسلمة، حينما تم منع ارتداء النقاب لدواع أمنية إلى جانب منع اللباس البحري الإسلامي، ولا يفوتنا الحدث الذي قام على نشره أحد المصورين، حينما التقط صوراً أثناء قيام رجال الأمن من فرنسا بمحاولة نزع اللباس البحري للمرأة المسلمة وهي تجلس أمام البحر، لقد كان المشهد محبطاً ومثيراً للأسى ليس لنا وحدنا كمسلمين وإنما أثار غيظ العالم بأسره.

ولكن ملاك الشهري أو أنجل الشهري، ما كتبته من مشاعر في حسابها الرسمي بـ"تويتر"، من وجهة نظري الشخصية لم تكن سوى رغبة في تحدي القوانين ليس إلا، كما أنني لا أستطيع أنا أو غيري أن نجرم شابة صغيرة على بضع مفردات تحلم بأن تقوم بها، ولكن السؤال الذي يلازمني أين أسرتها؟ أين الأم، الأب، الشقيق، العم، الخال؟ فقط ليقول لها إنه يمكنها أن تقوم بكل ذلك في مكان يسمح به بعدم ارتداء العباءة، أما حينما تكونين في السعودية وإن لم تكوني مواطنة وكنت مجرد وافدة أو زائرة، فهي ذات القوانين ستطبق على الجميع، ولن تكون العقوبات الرادعة فقط لكونك مواطنة، وإنما القانون يسري على الجميع، والعباءة لن تكون عائقاً على ملاك أو سواها لكي تتناول إفطارها حيثما تريد من خلال مطاعم المملكة المنتشرة، ولا يمكن للعباءة أن تعيقها أيضاً عن رغبتها في شراء النظارة، وهناك العديد من الفتيات اللاتي يدخن السجائر أو الأرجيلة، ولكني أتمنى مناصحتها في كيفية احترام القوانين، وأن تخرج إلى الحياة مجدداً وتعود لعالمها، كما تم إطلاق سراح "المنسدح" مؤخراً، وأبو سن وماجد العنزي، لا أظن أن ملاك تملك فكراً متطرفا، لا بالتأكيد، وإنما عدم وعي وتقدير للمكان الذي تعيش به، ليس أكثر من ذلك، لا أعرف حقيقة لماذا تعاطفت معها، وتمنيت أن تكون أسرتها بجانبها في توعيتها بمخاطر ما ستقوم به، ربما لأنني وجدت أنها صغيرة، وجرأتها لم تكن في محلها!