نعيش هذه الأيام العرس الثقافي الثاني للكتاب في عروس البحر الأحمر (جدة)، وحين يقال عرس، فلا بد أن يكون هناك وفي كل زاوية من المكان آلية وتقليد وعرف يعمل به ومنه وعليه، ليكون هذا العرس مميزا، وفي مثل هذا العرس (الكتابي) يبتهج الجميع بالمنتج الأدبي ويحتفون به على طريقتهم، لذلك كان ضمن طقوس معارض الكتب، وما وجدنا عليه أجدادنا السابقين إلى المعارض الأولى عالميا وعربيا منصات التوقيع، هذه المنصات أحدثت حراكا واسعا سلبا وإيجابا، انقسم حولها الأدباء والكتاب إلى فريقين بين مؤيد للفكرة ومعارض لها، بين متشبث بحقه فيها، وبين من لا يعنيه الأمر، مفهومها: هي ركن يشهد تفاعل القراء مع الكتاب وكاتبه، دون النظر إلى اللون والجنس والهوية والديانة، وأهدافها: بالإضافة إلى الهدف الأساس منها، المتمثل في انتشار الكتاب، فهي أيضا تهدف إلى ارتباط الكاتب بالقارئ مباشرة، والتواصل والتفاعل معه من خلال اللقاء اللحظي الذي يجمعهما بهذه الفكرة، ولهذه المنصات عدة أشكال، الشكل الأساس لها هو الذي الذي يظهر فيه الكاتب كاتبا لا غير.
ومن التقسيمات التي ظهرت بظهور المنصات في بلدنا، وأهمها اختلاف شكل منصة المرأة عن شكل منصة الرجل، فالأولى مسيجة بأسوار شائكة من الحيطة والحذر، تقبع في ركن مهمش محاط بنظرات الريبة والشك من أولي الهمة في المرأة المثقفة وهذا الشكل هو أكثر الأشكال جدلا وتفاعلا وتعاطفا وحضورا في نقاشات وصوالين المثقفين، وفي أجندة ومشاريع المحتسبين. والشكل الأخير هو المنصة الفارغة من المحتوى والممتلئة بالضجة والفلاشات، والشكل الأخير هو المنصة الممتلئة بالوعي والإدراك والقيمة، ولا تشتكي من التهميش والغياب.
للمنصات جدوى وقيمة نوعية تضيف للحراك الثقافي والمعرفي، وتحدث فرقا في تشكيل الوعي والمفهوم الثقافي، لذلك أرى أن تحظى بجهد مضاعف لما هي عليه الآن، وأقصد منصات التوقيع في معرضي الكتاب في جدة والرياض، فهما ما يهمنا إلقاء نظرة عليهما، ومعالجة ما فيهما من مشاكل، وتعزيز ما فيهما من إيجابيات، حتى يكون معرضانا كما نريد، وإن كان معرض الرياض معمرا أكثر، فإنهما يحتاجان إلى أن يتماسكا، ويستأنف العمل فيهما ليكونا قويين صامدين بما يليق. الجميل أن يظهر الكتاب مكتملا ويمر بمراحل نموه بشكله الطبيعي، حتى يصبح بين يدي ربه يحتفي به كيفما يشاء ويضعه بين يدي من يشاء.