لا أحد لديه شك في أن وزارة العمل والتنمية الاجتماعية تتمنى حل أزمة الاستقدام، لكن الأماني وأنصاف القرارات لا تعالج الأزمات.
والمشكلة الأخرى، أن المسؤولين الحاليين في وزارة العمل، لم يستفيدوا جيدا من تجارب القرارات السابقة التي لم تعرف لها طريقا إلى التنفيذ حتى اليوم!
فعندما أصدر وزير العمل السابق قرارا منتصف عام 2015، يحدد السقف الأعلى لتكاليف استقدام العمالة البنجلاديشية بما لا يتجاوز 7 آلاف ريال، فرض القرار على شركات ومكاتب الاستقدام المحلية، لكن لم يتم التنسيق أو الاتفاق مع الجانب البنجلاديشي حول ذلك.
نتيجة ذلك، أخذت المكاتب في بنجلاديش تتلاعب بالأسعار، فرفعتها أعلى مما فرضته وزارة العمل على مكاتب الداخل، لتجد الأخيرة نفسها بين خيارين، إما مواكبة المكاتب البنجلاديشية برفع أسعارها وتجاهل توجيهات "العمل"، أو التوقف عن الاستقدام من هناك، وهذا ما فعلته معظم مكاتب الاستقدام السعودية بعد القرار، مما زاد ملف الاستقدام تأزما!
قد ينفي الإخوة في وزارة العمل فشل ذلك القرار، ويستشهدون بأسعار استقدام العمالة المنزلية البنجلاديشية على موقع "مساند"، لكن الكل يعلم أنها شكلية، والواقع أنها ضعف ما حددته الوزارة في قرارها قبل عام ونصف العام، وزيارة خاطفة إلى أقرب مكتب استقدام من مبنى وزارة العمل سيكشف لهم هذه الحقيقة!
أيضا، وحول الموضوع ذاته، أعلنت وزارة العمل، أول من أمس، قرارا آخر يحدد تكلفة استقدام العمالة المنزلية من سريلانكا، بحيث يدفع للمكتب السريلانكي ما لا يزيد على 1560 دولارا، بينما اكتفت بالتأكيد على المكاتب المحلية بوضع هامش ربح بسيط يغطي تكاليف الاستقدام.
الفارق هذه المرة أن الوزارة لم تضع سقفا للتكاليف التي يتوجب على المكاتب في المملكة أخذها من العميل، وهو ما سيفتح مجال التلاعب بالأسعار، لكن هذه المرة من مكاتبنا في الداخل، بحجة أن الوزارة لم تفرض عليها سقفا محددا.
من أجل أن ينجح أي قرار يوقف جنون أسعار الاستقدام، يجب التنسيق وإلزام طرفي الاستقدام بذلك، الجانب الأجنبي في الخارج، وشركات ومكاتب الاستقدام في الداخل. أما تجاهل أحدهما، فسيجعل منه قرارا "مأخوذ خيره"، ولو كان ممهورا بتوقيع معالي وزير العمل!.