فتحت مؤسسة النقد نصف عين فقط على قطاع التأمين، فأوقفت 4 شركات عن إصدار وثائق تأمين السيارات، لعدم التزامها بكامل الإجراءات النظامية المتعلقة بتسوية مطالبات تأمين المركبات، ومعالجة شكاوى العملاء، وأظنها لو فتحت كلتا عينيها على هذا القطاع، فلن يطوى هذا العام إلا وكل شركاته موقوفة!
لكن مثل هذا القرار وحده لا يكفي لمعالجة الخلل الكبير في قطاع التأمين في المملكة، ولن يوقف الفوضى الموجودة، ما دامت إدارات الشركات المخالفة بمنأى عن المحاسبة.
إذ لم تضع "ساما" لوائح للمخالفات والجزاءات المترتبة عليها، ومن ذلك مساءلة ومعاقبة مجالس إدارات شركات التأمين عن أي مخالفات أو شكاوى ضدها، رغم أنها المسؤول المباشر عنها، إنما اكتفت بإيقاف الشركات عن إصدار أو تجديد وثائق التأمين. وهذا أشبه ما يكون بعقاب جماعي يستثنى منه المتسبب الرئيس، بينما من المفترض أن تبدأ دائرة المحاسبة بالإدارة التنفيذية للشركة.
هناك 35 شركة تأمين وإعادة تأمين مرخص لها العمل في المملكة، كلها مدرجة في سوق الأسهم المحلية، وهذا يعني أن لها مساهمون لا ذنب لهم فيما ترتكبه بعض إداراتها من مخالفات. لكن الضرر امتد أثره إلى حملة الأسهم، هذا عدا عملاء الشركة ممن سيضطرون بعد الإيقاف للانتقال إلى شركات تأمين أخرى، وهو أمر مكلّف.
بسبب سياسات بعض مجالس إداراتها، أصبحت الأوضاع المالية لكثير من شركات التأمين حرجة، وبعضها يعاني من خسائر متراكمة تجاوزت نصف رأس مال الشركة، على الرغم من الزيادات المتلاحقة في أسعار بوالص التأمين. ففي عام 2016 وحده ارتفعت الأسعار بنسبة 400 %!.
لذا، أي استثناء لمجالس إدارات شركات التأمين وإداراتها التنفيذية من العقوبات التي تفرضها مؤسسة النقد على الشركات، هو امتداد للعبث بحقوق المساهمين والعملاء، والاكتفاء بإيقاف الشركات هو تحصين لإداراتها وتشجيعها على مواصلة هضم الحقوق باسم الشركة دون خوف من العقاب.