لعب الفن دورا كبيرا في تقاربنا كخليجيين، فعندما نتذكر القمم الخليجية لا تعلق في الذاكرة إلا (خليجنا واحد)، تلك الأغنية التي ارتبطت بالوحدة والإخاء بين دول الخليج، وتلك البهجة التي نعيشها من أول يوم تنعقد فيه القمة إلى البيان الختامي، وما يصاحب ذلك الحدث من تألف حقيقي تسهم الأغاني والموسيقى في قدر كبير منه. وعلى هامش التجمع السياسي يكون هناك حشد فني يرافق الاجتماع حتى نهايته وتتشارك القنوات التلفزيونية للدول الخليجية في البث المباشر، سواء للجلسات أو الاحتفالات التي تقام في الدولة المستضيفة.

وأيضا في دورات الخليج الرياضية يحضر الفن ليسهم في نجاح المناسبة ويبرز أهميتها من خلال حفل الافتتاح واللوحات الاستعراضية، وكذلك العروض البصرية التي يشكل الإبداع الفني -موسيقى، وكلمات، رقصات تراثية- جزءا كبيرا منها، وفي زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -يحفظه الله- الأخيرة لبعض دول مجلس التعاون كان هناك سباق بين الجارات لتأكيد البهجة بالزيارة من خلال الفن، وإن أبدعت جميعها إلا أن دولة الكويت تميزت بذلك المزج بين أكثر من لون، وبإقامة ذلك الاحتفاء في الصرح الثقافي الجميل والأبرز خليجيا (دار الأوبرا)، وكأن الكويت تؤكد ريادتها في تشجيع الفن والاهتمام به. وما هو لافت ذلك الانتشاء والبهجة التي بدت على ملامح الحضور وكأنها استراحة بعد جهد، وهذا ما نبحث عنه أن يجد الإنسان ما يخفف عنه وطأة الحياة ورتمها المتسارع الذي لا يخلو من الصراع والمشقة، وإن كان هناك إبداع في الفقرات المعدة إلا أن الإسقاطات التي حملتها بعض المشاهد جاءت مناسبة جدا، وحاكت الواقع الذي يتطلب منا التوحد ليس في مجابهة الأخطار فحسب، ولكن في الاهتمام بثقافتنا والاعتراف بها كعامل قوي في تقاربنا وحل مشاكلنا التي تتضاعف مع الأيام، وإن تمعنا قليلا في بعض الدول المتكتلة ضدنا لوجدنا شيئا مهما، ذلك الحرص والدعم للفنون فيها، فليس بناء القوة العسكرية هو شغلها فقط، بل للثقافة وحضورها أهمية أيضا، ولنا ملاحظة ذلك من خلال المسابقات الدولية لعروض الأفلام السينمائية والتي لا تخلو من تواجدها كمنافس وليس كحضور هامشي، ففي الوقت الذي يحارب المتطرفون لدينا الفن الإنساني نجد تلك الدولة هي من تحتفي به ليكون وسيلة قوية تلمع به صورتها في الخارج، ورغم قبحها تظل هي الأقدر في الوصول إلى شعوب العالم.