ترتفع أصوات جديدة في جميع أنحاء العالم العربي لمنع جيل من تلبية دعوة الجهاديين المتطرفين. ومن بين هذه الأصوات صوت محمد زورجوي التونسي الذي كان متعاطفا مع حركة الجهاديين المتطرفين عندما كان يقضي وقتا في السجن يستمع إلى إرشاداتهم الدينية المحرفة وأقوالهم الثورية الخادعة، حتى أصبح تابعا ملتزما لهم، وعند خروجه من السجن أعطوه مهمة قتل شقيق زوجته، مما جعله يتخلى فورا عن الانتماء لتلك الزمرة المتطرفة.
اليوم، بعد عامين من ابتعاده عن تلك التجربة المنفرة، تحول محمد زورجوي إلى مغنٍّ لـ"الراب الجهادي"، مكرّسا جهوده لمنع المتشددين من تجنيد شباب المسلمين، وهو يعتقد أن ذلك هو الأسلوب الوحيد الذي يمكن أن يفعله ويقدمه في "مقهى إنترنت القصرين" الذي يُعد ساحة معركة بين الحكومة التونسية والمقاتلين المتطرفين، ويحضر إليه جمهور شهد العديد من الأصدقاء والأقارب يهربون للانضمام لتنظيم القاعدة أو داعش.
وسواء في ليبيا، أو العراق، أو حتى سورية، فإن خط الجبهة الأمامية لمعارك فضاء المعلومات الحقيقي في الحرب الأيديولوجية ضد داعش في جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي، هو جماعات المجتمع المدني والنشطاء والأئمة، والقبليون، والموسيقيون الذين يأخذون على عاتقهم تحدي أيديولوجية داعش وتقويض شرعيتها، والعمل على منع جيل ضائع من الذين يستجيبون لنداءات المجموعات المتطرفة للقتال.
وبينما تتغير مواقف ساحة المعركة وتتحول التحالفات في مختلف ساحات الصراع في منطقة الشرق الأوسط، يعتقد العديد من الخبراء أن هذه الحرب الطويلة من شأنها أن تؤدي في نهاية المطاف إلى إنهاء داعش. ولكن الصدام بين الغرب والإسلاميين المتطرفين لا يمكن كسبه بواسطة الطائرات دون طيار والصواريخ والقوة العسكرية وحدها. فبدلا من ذلك، فإنهم يرون أن السلاح الأكثر فاعلية هو التصدي اليومي لأساطير تنظيمي داعش والقاعدة الطوباوية وسوء تفسيرهما للتعاليم الإسلامية، خصوصا بين شباب المسلمين المحرومين الذين هم على استعداد لتلبية أي من التنظيمين.
إنها معركة من أجل روح الإسلام. وليس هناك أي مكان لتكوين قاعدة شعبية مناهضة للجهاديين المتطرفين أفضل من تونس والأردن، لأنهما من أكبر الدول المصدرة لمقاتلي داعش.
يقول مايكل لمبكين، المبعوث الخاص لمركز المشاركة العالمية -وهي دائرة بين وكالات واشنطن التي تحارب دعاية داعش-: "لا يمكن إغلاق طريقنا للخروج من هذا الصراع. وفي الأساس إن أي إستراتيجية طويلة الأجل لهزيمة مجموعة متطرفة عنيفة، مثل داعش، يجب أن تركز على مواجهة رسائل أيديولوجيتها البغيضة التي تبثها يوميا، حيث إن معركة فضاء المعلومات لا تقل أهمية عن معارك الميادين الحقيقية".