إناء زجاجي على الطاولة. هل الوعاء فارغ؟، يسأل المحاضر الطلبة فيجيبون: نعم!
يخرج من حقيبته مجموعة من كرات الغولف، يبدأ في حشوها داخل الإناء، يلتفت نحو الطلبة: هل امتلأ الإناء؟! يردون بصوت واثق: نعم! يقوم بإضافة مجموعة من الأحجار الصغيرة فتنساب داخل الجرّة بسهولة حتى تملأ الفراغات، يكرر السؤال: هل امتلأت؟ يردون بصوت واحد: نعم!
يستخرج كيسا مملوءا بالرمل الناعم، ويبدأ في إضافته إلى الوعاء، وسط دهشة الطلبة، ينساب الرمل حتى يسد الفراغات الظاهرة! هل امتلأت؟ نعم يا أستاذ، مؤكدا هذه المرة أنها امتلأت!
يخرج زجاجة مشروب غازي، ويقوم بسكبها داخل الوعاء، فينساب السائل مجددا نحو فراغات لم تكن ظاهرة للطلبة.
خيّم الصمت على القاعة. رفع رأسه قائلا: "هذا الوعاء الزحاجي هو حياتكم. كرات الغولف هي الأشياء المهمة. الأهل، الأصدقاء، الصحة، المعرفة. الأحجار الصغيرة مهمة أيضا، إنها تعبر عن سيارتك، عملك، هوايتك. الرمل الناعم هو الأشياء الأخرى الأقل أهمية. هل تعرفون ما الذي سيحدث إذا وضعت الرمل الناعم أولا؟ -الحديث ما يزال للمحاضر- لن يكون هناك مكان للأحجار وكرات الغولف، هذه حياتك، إذا صرفت جميع طاقتك ووقتك للأشياء ذات القيمة القليلة، فلن يتبق لديك وقت للاستمتاع بالأشياء ذات القيمة الكبيرة. أعطِ اهتماما للأشياء ذات الأثر الكبير في حياتك، وسعادتك، اهتم بكرات الغولف أولا!".
عفوًا، أستاذ، ماذا عن المشروب الذي وضعته في النهاية؟!"، أحسنت؛ هذا سؤال جيد، إذ مهما بدت الحياة ممتلئة، فهناك وقت للمتعة!".
حينما أتأمل مثل هذه المشاهد التمثيلية المعبرة، أتذكر حياة كثيرين من حولنا، إذا لا مكان لكرات الغولف، ولا قيمة لها في حياتهم الممتلئة بالرمل الناعم. يخرجون من تويتر ويدخلون سناب شات ويخرجون منه ويدخلون واتساب ويخرجون منه إلى انستغرام، وهكذا ليل نهار. لا أثر يذكر لكرات الغولف!.
وإلى صديقي العزيز الذي يقرأ مقالي الآن أقول: ادخل إلى أي موقع إلكتروني تابع لأي مؤسسة، ستجد أن هناك رؤية، ورسالة، وأهدافا في واجهة الموقع. من باب أولى أن تكون لك رسالة وهدف في هذه الحياة. يجب أن تبدأ في تنظيم أولوياتك، وتدرك أن مرور الوقت هو مرور العمر. طابت جميع أوقاتكم.