الاثنين قبل الماضي، كان اثنان من الطلاب السعوديين وأنا في مكتب الطلاب الدوليين في الجامعة الأميركية بواشنطن لتأدية أحد الاختبارات، وفي منتصف الاختبار في المدة المخصصة للاستراحة، قمنا الثلاثة بالصلاة بعد أن قمنا بتخمين موقع المركز الإسلامي ومن ثم تطبيق القبلة. أثناء الصلاة دخل البروفيسور مايكل ريهوم ثم خرج بهدوء، وبعد إتمام الصلاة أتى وقال: "كان من المفترض أن يكون هناك ميلان قليل تجاه اليمين حتى تكونوا في اتجاه مكة"! ابتسمنا وقلنا شكراً وبعدها بدأت الفترة المخصصة للجزء الثاني من الامتحان.

كان بإمكان السيد ريهوم ألا يعترف بيوم عرفة أو بالصلاة، وكان بإمكانه أن يأمر بمواصلة الاختبار وعدم تأدية الطقوس الدينية في المكتب المخصص للغرض الأكاديمي، وألف شيء كان بإمكانه أن يفعله. لكن خرج بهدوء ثم عاد ليعطي معلومة افتقدناها وأخبرناه أننا لم نستطع فتح الجوال أو الكمبيوتر بسبب شروط الاختبار وقمنا بمحاولة موازاة الموقع مع المركز الإسلامي.

قد يكون التسامح الديني والانفتاح على الثقافات الأخرى والتعايش معها هو الذي جعل السيد ريهوم يقوم بإعلام طلاب مسلمين لا علاقة لهم به بموقع القبلة، وسؤالهم إن كانوا يريدون وقتاً إضافياً لإعادة الصلاة. وحين سألته عن معلوماته قال "أكثر من 30 عاماً وأنا أعايش الطلاب المسلمين وغيرهم من الديانات الأخرى، فقد كنت معلم لغة إنجليزية للطلاب الدوليين القادمين إلى الولايات المتحدة الأميركية والآن أصبحت مسؤول الاختبارات هنا في الجامعة الأميركية للطلاب الدوليين ولدي أصدقاء من الخليج العربي وبعض الدول العربية".

لم يخسر السيد ريهوم شيئاً من وقته أو حياته أو صحته، لم يفقد ثميناً، كل ما قام به هو توجيه لمن فقدوا الوجهة. لم يكسر أو يضرب، لم يصرخ، كان بإمكانه فعل ما يريد، لكنه قرر الابتسامة وتقديم ثقافة التسامح على الكراهية. ما فعله قمنا بنقله مجموعة من الطلاب، والفعل الطيب من قبل المسلمين ومن الديانات الأخرى سينتقل إلى أنحاء العالم، والفعل السيئ يزيد من السمعة المشوهة تشويهاً لا يمكن أن يمحوه سوى قنبلة ذرية.