لم تكن الأمور سوى بحاجة إلى ثقة بالنفس لا أكثر، حينما اعتلى صديقي اللدود "نايف الضوي" منبر الجمعة مرتديًا للعقال دون "بشت".. صورة غير مألوفة.. لكن كثيرا من الأشياء بحاجة إلى شخص يمتلك القدرة على المبادرة، ولديه روح الإقدام.
قبل ذلك بسنوات صليت الجمعة في أحد الجوامع الخليجية .. انشغلت لأول وهلة عن الخطبة بصورة وشكل الخطيب الذي صعد المنبر بغترة بيضاء وعقال ناصع السواد وثوب أبيض مطرّز دون بشت!
وعلى كل حال، طالما أن لدينا القدرة على تغيير الشكل - والشكل أهم من المضمون لدى شرائح واسعة في المجتمع - فلماذا ليس لدينا القدرة على تغيير المضمون!
هناك جدار بين خطيب الجمعة والمجتمع.. يدخل الناس الجامع.. يتولى الخطيب قيادة المنبر.. يسافر بهم عبر الزمن.. تنتهي الخطبة.. يعودون إلى الحاضر، يخرجون يحملون متاعبهم ومشاكلهم كما دخلوا.. "خطبت فكنت خطباً لا خطيباً.. يضاف إلى مصائبنا العظام"!
سأعود من حيث انتهى أستاذنا العزيز "علي الموسى" حينما تساءل قبل أيام عن المانع من السماح لبعض الفعاليات المجتمعية من اعتلاء المنبر، وهو - وإن كان اقتراحا مثاليًا أكثر من اللازم، لكنه ليس مستحيل التنفيذ - سأعود إلى اقتراح طرحته قبل فترة يتعلق بمعاناة الوافدين الذين لا يعلمون ما الذي يقوله خطيب الجامع، تماما كأنك تستمع إلى خطبة في أحد الجوامع الهندية أو الباكستانية، وعرضت حينها اقتراح ترجمة ما يقوله الإمام للمأمومين على اختلاف لغاتهم وجنسياتهم، عبر شاشات ترجمة فورية للخطبة في الجوامع الكبرى، أو توفير سماعات في أعمدة الجوامع يستخدمها من يريد ترجمة الخطبة، تماما كالطريقة المتبعة في المؤتمرات.
خطبة الجمعة محاضرة أسبوعية يحضرها جميع أفراد المجتمع.. ليست أداء واحب.. ليست درسًا هامشيًا، ليست ملء فراغ!
قيل لعبدالملك: أسرع إليك الشيب.. فقال: شيبني ارتقاء المنابر وخوف اللحن.. واليوم ليس ثمة مهمة في بلادنا أسهل من ارتقاء المنابر!