من بين عشرات المطبوعات الصادرة عن نادي أبها الأدبي، تطل من فترة لأخرى (بيادر)، المجلة الثقافية الدورية التي مرت بعدة مراحل شكلا ومضمونا، ورأسها وعمل لها وبها ومن أجلها كبار الأدباء في المنطقة، وظهر فيها عدد كبير من الأسماء الأدبية.

 كانت ولا تزال حتى عددها الأخير السابع والخمسين مسار المبدعين الأول، ونقطة انطلاقهم في أفق الإبداع شعرا ونثرا، إعلاما وبحثا. بيادر (أبها) وأخواتها: مرافئ (جازان)، المشقر (الأحساء)، سيسرا (الجوف )، الآطام (المدينة)، توارن (حائل)، ودوق، بروق (الباحة)، رقمات (نجران)، دارين (الشرقية)، الراوي (جدة)، قوافل (الرياض) .. هذه وغيرها هي المجلات الدورية عن كل ناد مجلة.

كانت كل هذه المطبوعات تأتي كل عدة أشهر بحلل جديدة، تشمل الأدب والبحث والحوارات. وتعتبر رافدا مهما من روافد الانتشار وتسليط الضوء على الأعمال الأدبية وأصحابها، سواء على مستوى المنطقة التي تصدر المجلة عن ناديها، أو على مستوى الوطن أو الوطن العربي بشكل أوسع، بالإضافة إلى هذا فهي مصدر بحثي مهم خصوصا الأعداد القديمة منها، والتي أسهمت في انتشار أدب المناطق كل منطقة على حدة.

على سبيل المثال: غياب الشعر في منطقة عسير عن القراءة والبحث لدى الباحثين والدارسين من خارج المنطقة، وسبب ذلك غياب المادة البحثية وعدم انتشارها. لكن مجلة بيادر أسهمت إسهاما كبيرا في انتشار شعراء المنطقة، وبالتالي أصبح الشعر العسيري في متناول الباحثين.  ومن الطبيعي أن المجلات الدورية الصادرة عن الخمسة عشر ناديا الأخرى قامت بذات الدور، خصوصا أنها - أي المجلات - تشكلت وخرجت أعدادها الأولى على أيدي رواد مهتمين واعين بأهميتها كمنجز أساسي من منجزات الأندية الأدبية.

المجلات الدورية ثروة قيمة مضافة إلى مكتباتنا .. ويجب أن تتجه إدارات الأندية إلى تشكيل فريق تحرير يجمع بين الإعلام والأدب وتاريخه، وأن يمنح مساحة من الحرية والدعم، حتى يعود إلى هذه الدوريات وهجها، وتستطيع إخراج صفوة إبداع الوطن بما يتلاءم وزمننا الحديث الذي خرجت فيه المعلومة بين الكلمة والصورة وإمكانية الإيصال المعاصر.

وليست مجالس الإدارة بقادرة وحدها على هذا، فليس شرطا أن أعضاء هذه المجالس رواد في الإعلام ولا حتى في الأدب حسب آليات الأندية حاليا. هذه الدوريات خفت دورها أخيرا، ولم يستطع القائمون على الأندية مسايرة الزمن بتطويرها حسب صعود ممكنات النشر الحديثة على مستوى الرقابة والنوع. ولهذا نجدها إما أنه توقف بعضها عن الصدور، أو أنه يصدر دون أن نجد له الصدى الذي كان يصاحب صدورها في زمن لم يكن فيه الاتصال والتواصل الإعلامي كما هو الآن. وإلا فما سر غيابها أو خفوت صوت ما صدر منها؟!