فيما يسود القلق وسط قيادات الحكومة الإسرائيلية، من احتمال أن يقدم الرئيس الأميركي باراك أوباما، على خطوة جديدة مضادة لسياساتها، عقب تمرير قرار في مجلس الأمن الدولي بإدانة الاستيطان، كشفت وسائل إعلام أميركية أن أوباما أراد توجيه صفعة لرئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، بسبب تحدي الأخير له، وإصراره على مخاطبة الكونجرس، رغما عنه، في مارس من العام الماضي، بعد الإعلان عن قرب التوصل إلى الاتفاق النووي مع إيران.

ووصفت مصادر إعلام إسرائيلية العلاقة بين أوباما ونتنياهو بأنها "وصلت مرحلة المواجهة المكشوفة، بعد سقوط كافة الأقنعة"، مشيرة إلى أن الهجوم القاسي الذي شنه الأخير على الإدارة الأميركية قد يؤدي إلى تمرير قرار في مجلس الأمن، لتحديد المعايير التي على أساسها ينبغي أن تستأنف محادثات السلام. وأضافت أن حكومة تل أبيب تتوقع اتضاح تفاصيل إضافية خلال الأيام المقبلة. إضافة إلى الهواجس التي تنتاب حكومة نتنياهو من مؤتمر السلام المقرر عقده في باريس منتصف الشهر المقل. والذي سيشارك فيه وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، قبل خمسة أيام فقط من انتهاء فترة حكومته.



دوافع شخصية

قالت صحيفة وول ستريت جورنال، إن امتناع مندوبة الولايات المتحدة في مجلس الأمن، سامانثا باور، عن استخدام الفيتو ضد قرار إدانة الاستيطان، يمثل واحدة من اللحظات الأبرز التي تميز إدارة أوباما، وإنها تعبر عن مدى قدرته غير العادية على توظيف السياسات المتعلقة بالقضايا العامة في الخصومات الشخصية. مشيرة إلى أن عداء أوباما لنتنياهو أمر معروف، كما تكشف الخطوة عن مدى عداوة إدارته لإسرائيل، وهي الإدارة التي لم تعد تحتاج إلى أصوات اليهود، وإن أوباما تمكن في النهاية من معاقبة إسرائيل بطريقة لم يسبقه إليها أي رئيس أميركي.

وألمحت الصحيفة إلى أن أنباء تسربت من نافذين في الإدارة الأميركية بأن أوباما أضمر العداء لرئيس الوزراء الإسرائيلي، مباشرة عقب الكلمة التي ألقاها بالكونجرس في الثالث من مارس 2015، وانتقد فيها تركيز أوباما على التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران.



قطعية القرار الأممي

أضافت الصحيفة أن قرار مجلس الأمن بات نافذا، وأي محاولة لإلغائه أو الالتفاف عليه لن ينجح، وذلك بسبب الفيتو الذي سوف تستخدمه روسيا أو الصين. كما يمثل القرار ضوءا أخضر لأي عاصمة أوروبية أو معهد دولي أو مؤسسة جامعية أميركية، للضغط على إسرائيل من خلال المقاطعة وسحب الاستثمار وتحريك العقوبات. مشيرة إلى أن سبب الغضب الكبير الذي ينتاب حكومة نتنياهو يعود إلى إدراكها هذه الحقيقة، وهو ما دفع عددا من رؤساء الأحزاب الإسرائيلية المعارضة إلى مهاجمة نتنياهو واتهامه بالتسبب في ضياع المكاسب التي حققتها الحكومات السابقة بالمحافظة على الاستيطان، عبر التسرع في مناصبة الرئيس أوباما العداء بسبب الاتفاق النووي مع إيران. ومضى بعض المعارضين الإسرائيليين إلى حد مطالبة رئيس الحكومة بتقديم استقالته فورا.



سياسات فاشلة

وصفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية ما حدث بمجلس الأمن بأنه "يوم صعب وقاس على إسرائيل"، بسبب القرار الذي فاجأ صنَّاع القرار في تل أبيب، بسبب صدوره بأغلبية ساحقة، حيث لم تعترض عليه أي دولة، حتى واشنطن اكتفت بعدم التصويت وعدم استخدام الفيتو، مشيرة إلى أن تلك النتيجة تكشف بوضوح فشل الدبلوماسية الإسرائيلية على مدار السنوات الماضية، وأن تل أبيب تعيش في عزلة تامة.

ونقلت الصحيفة عن زعيم المعارضة ورئيس حزب المعسكر الصهيوني يتسحاق هرتسوغ قوله إن القرار "تعبير علني عن فشل إستراتيجي لدولة إسرائيل". كما وجَّه نقدا عنيفا لنتنياهو "الذي تسببت سياسته في وضع إسرائيل في موقع لا تحسد عليه، وحرمها من توظيف قدراتها الإستراتيجية لمنع صدور القرار".