أكدت مؤسسة الاستخبارات الخاصة للتنبؤ الاستراتيجي "ستراتفور"، أن ليبيا تشهد اقتتالا كبيرا، رغم وجود اتفاق بين مجلس نواب طبرق، شرقا، والمؤتمر الوطني العام في طرابلس، غربا، لتشكيل حكومة موحّدة. وأشار تقرير المؤسسة إلى أن في ليبيا ثلاث حكومات متصارعة، في حين لا زالت حكومة الوفاق الوطني المدعومة دوليا تخسر نفوذها على الأرض تدريجيا.

وأضاف التقرير أنه رغم ضبابية وقتامة المشهد الليبي الحالي، إلا أن عجلة الإنتاج النفطي تحركت في الآونة الأخيرة، لتنتج أعلى مستوياتها خلال عامين، فيما تمكنت الميليشيات المسلحة من طرد مسلحي داعش من مدينة سرت الساحلية التي تعد آخر معقل لها في البلاد. وأرجعت المؤسسة التقدم السابق إلى وجود تكتلين عسكريين تقفان وراءه، هما كتائب الجيش التي يقودها المشير حفتر، إضافة إلى كتائب مقاتلي مصراتة الداعمين للمؤتمر الوطني العام، فيما أعلن حفتر مؤخرا ضرورة تحرك قواته من أجل شن حملة عسكرية للسيطرة على العاصمة طرابلس، وهي خطوة قد تدفع الكتائب المتمركزة في العاصمة للتوحد ضد هذا الهجوم مرة أخرى.



حكومة الشقاق

وصف التقرير حكومة الوفاق في ليبيا بـ"حكومة الشقاق الوطني"، لفشلها في تحقيق الوحدة والاتفاق بين الفصائل المتقاتلة في البلاد، إضافة إلى عجزها عن السيطرة على كل طرابلس، وعدم قدرتها على تقديم نفسها كممثل لكل الليبيين. وأضاف التقرير "حكومة السراج كانت قد تشكلت لتكون حكومة مؤقتة، بحيث إن المشاكل التي تواجهها تتفاقم يوما بعد آخر، الأمر الذي دفع بالمؤتمر الوطني العام ليصعّد معارضته الشديدة لها، قبل أن يسيطر مقاتلوه في أكتوبر الماضي، على مباني الحكومة، وتزايدت الاشتباكات بين المقاتلين لتصبح أكثر الاشتباكات دموية منذ عام 2014.



عقدة حفتر

أبان التقرير أن تنظيم داعش في الشمال الإفريقي استغل حالة الاقتتال والفوضى في البلاد لإنشاء قاعدة مركزية له على ضفاف البحر المتوسط في سرت، وبدأ شن هجماته في الداخل الأوروبي، مما دفع الميليشيات المسلحة لتوحيد جهودها والتركيز على قتاله. وأضاف "وجود داعش في ليبيا أجَّج الصراع مرة أخرى بين المقاتلين المعتدلين والمتطرفين، قبل توقيع اتفاق سلام في مدينة الزنتان والانضمام للمفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة، لتشكيل حكومة موحدة، إلا أن اسم حفتر يبقى هو المعضلة في الاتفاق، بسبب عدم رغبة البعض في أن يصبح جزءا من مستقبل ليبيا. ولفت التقرير إلى أنه على الرغم من عدم انضمام المشير لأي حكومة، إلا أن اسمه ظل قوة بارزة في المشهد الليبي كقائد للكتائب المسلحة، إضافة للمكاسب التي حققتها قواته خلال العامين الماضيين في بنغازي ضد الجماعات المتشددة.

إصرار على الوجود

أوضح التقرير أن حفتر وضع عينيه تجاه طرابلس كما يريد أن يكون له دور في مستقبل ليبيا، الأمر الذي اعترف به المبعوث الدولي، مارتن كوبلر، وأكد أنه يجب إشراك الأخير في الحكومة، لضمان نجاحها، متوقعا أن يسعى للم شمل الميليشيات المتقاتلة التي تنتمي لعدة قبائل تحت جيش موحد، بعد أن غيب القذافي أي دور لجيش ليبي موحد بسبب خشية حدوث انقلاب. مشيرا إلى وجود حل شعبي للسيطرة على الفوضى، وهو إنشاء مؤسسة عسكرية مثل المجلس العسكري في مصر، ليتم تقسيم الأدوار بين حفتر وممثّلين عن مصراتة وأفراد القوات البارزة الأخرى مثل ميليشيا الزنتان.