مقالي السابق كان عن الفصل "الجندري" بين الجنسين، وكيف أثر على حياتنا وعلى سلوكنا، وأربك العلاقة بين الرجل والمرأة. قبل نشر المقال نمت وأنا متوجس من ردة الفعل، خاصة أن الموضوع حساس جدا. وفي الصباح الباكر فتحت تويتر قبل أي شيء آخر، قرأت الردود وتفاجأت بما قرأت. أغلب الردود كانت تناقش الفكرة بأدب، حتى الآراء المعارضة والرافضة لفكرة المقال. صحيح هناك بعض الهجوم الشخصي وبعض الاتهامات بسوء نية الكاتب، ولكنها معدودة وقليلة ،عكس ما كنت أتوقعه. قرأت الردود في موقع الصحيفة، وهي أيضا لا تختلف عن الردود في تويتر. الأمر الذي جعلني أعيد التفكير بوحش المجتمع وسطوته التي نخشاها ونهابها. هي بالضبط مثل خوفنا من مقص الرقيب ككتاب. أحيانا كثيرة يكون هذا الوحش من نسج خيالنا، ونحن من جعلناه يخنقنا بمخالبه. وبحكم أني جديد في هذا العالم ودخلت فيه وأنا لا أعرف حدود الممنوع من المسموح، لم يكن لمقص الرقيب تلك الهيبة، مما أعطاني مساحة أكبر للكتابة. بعض الكتّاب ما زال يكتب بنفس القيود التي رسمها قبل 10 سنوات أو أكثر، يخشى من نقد المجتمع، ويخشى من نقد الحكومة، ويخشى من نقد مواضيع كثيرة، لأنه حبس نفسه بسقف قديم تجاوزه الإعلام التقليدي والإعلام البديل بمراحل. وللأمانة وحتى يبقى الإعلام التقليدي فاعلا ومؤثرا في الرأي العام، يجب أن يصل إلى السقف العالي الموجود في وسائل التواصل الاجتماعي. فما نطرحه بتويتر مثلا أعلى بكثير مما نطرحه في مقالاتنا، وهذا واقع كلنا نعرفه. ومع ذلك يجب ألا نُضخم من مخالب هذا الوحش المغروس في خيالنا، إذا أردنا صحافة صادقة فاعلة تحاكي هموم الناس وتطلعاتهم.