كنا نعلم بأن وكلاء الشركات والمستوردين لدينا يغالون في الأسعار، لكن ليس بالقدر الذي كشف عنه القنصل التجاري لكوريا الجنوبية، عندما صرح بأن الوكلاء في السعودية يرفعون أسعار المنتجات الكورية في السوق السعودي إلى 3 أضعاف سعرها الأصلي!
القنصل الكوري أكد كذلك ثبات الأسعار في بلاده، مقابل تزايدها المستمر في أسواق المملكة، لنكون بذلك أمام خيارين: إما الرحيل والعيش في كوريا، أو أن تتدخل وزارة التجارة والاستثمار وتتصدى لجشع هؤلاء الوكلاء!
وبما أن الحل الأول غير منطقي، يبقى الآخر هو المناسب والأكثر واقعية، إذ لا يمكن لوزارة التجارة أن تتجاهل تصريحا كهذا صادرا عن مسؤول رسمي، وتبقى صامتة تتفرج على الوكلاء والمستوردين وهم يتلاعبون بأحوال الناس. لأن ما يفعله الوكلاء لا يندرج تحت "حرية الأسواق"، بل هو مغالاة وفحش في الأسعار يدخلانهم في إطار الغش التجاري.
لذا من الواجب على "التجارة" اتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية المستهلكين، ومن ذلك وضع أنظمة وسن تشريعات تحدد هامش ربح الوكيل بناء على التكلفة النهائية للسلعة، ومعاقبة من يتجاوز تلك النسبة المحددة.
مثل هذا التنظيم لا يحتاج إلى معجزة لتطبيقه، والوزارة ليست عاجزة إن أرادت ذلك، إذ سبق وفرضت تحديد نطاق الأسعار في العروض التجارية، وأجبرت المعلنين على تحديد نطاقي السعر، بوضع سقفه أيضا بعدما كانوا يكتفون بعبارة "السعر يبدأ من..".
سيعارض الوكلاء في البداية أي إجراء من شأنه أن يقلص هوامش ربحهم، وقد يلجؤون كعادتهم إلى حيل مختلفة، لكنهم في النهاية سيذعنون للأمر الواقع.
وبالطبع الأمر لا يقتصر على وكلاء المنتجات الكورية، إنما كل وكلاء ومستوردي السلع من الدول الأخرى، فما يفعلونه هم أيضا لا يختلف عن وكلاء المنتجات الكورية، إن لم يكن أسوأ!
أدلى القنصل الكوري بشهادته ورمى الكرة في ملعب وزارة التجارة والاستثمار التي يجب أن تقول كلمتها وتتبعها بالفعل، لا أن تتوقف مثلنا عند قراءة تصريح القنصل واستنكار ما يفعله الوكلاء بنا!