بعد أربعين عاماً من السير إلى الأمام، عدنا أربعين عاماً إلى الوراء..
هذا الجملة تصفُ حالَ الإخراج التلفزيوني لمباريات "خليجي 20" المقامة باليمن، وهي حالٌ صادمة عند النظر إلى أن قناة أبوظبي الرياضيّة قد دفعت مبلغاً كبيراً في سبيل الحصول على الحقوق الحصريّة للنقل..
يقولُ الرّواة الصحفيّون: إنّ القناة دفعت 30 مليون دولار، وخمسة ملايين أخرى لدعم تحضيرات المنتخب المضيف، وهو المبلغ الأعلى في تاريخ بطولات الخليج..
"وليتك يا أبو زيد ما غزيت"؛ فليس هناك توزيع سليم للكاميرات، بل إنّ الاعتماد الأكبر كان على الكاميرا الوسطى الرئيسة التي شاهدناها تهتزّ بطريقةٍ غريبة، والكاميرات لا ترتفع عن مستوى أرضيّة الملعب سوى بضعة أمتار، فضلاً عن تداخل أصوات المعلّقين، وتذبذب أصوات الجماهير بين الصمت والضجيج.
الالتقاطات الهامشيّة الذكيّة للجماهـير والمدرّبـين، تكـاد تكـون معدومة..
قد يقول قائل: إن إمكانات الملعب لا تتيح غير ذلك، وليس بالإمكان أفضل ممّا كان، إلا أنّ الأمر لا يحتاج إلى أكثر من بعض الحلول الآنيّة اليسيرة؛ فليس من الصعب استحداث رافعات تُوضعُ عليها الكاميرات، أو بعضها، وليس من المستحيل وضع إحدى الكاميرات على "كرين"، وليس من المُكْلِف توجيه المصوّرين إلى بعض الالتقاطات المميّزَة للجماهير ومنصّة الاحتياط..
لا نريدُ ـ بعد أربعين عاماً ـ من دورات الخليج أن نعودَ إلى المربّع الأوّل؛ فإخراج مباريات "خليجي 20" لا يختلف كثيراً عن إخراج دورات الخليج الثلاث الأولى..
أيُعقلُ هذا؟ ولمَاذا لا تتعامل القناة الناقلة مع عملها بشيء من الجدّية، والرغبة في الإبداع..
لا فضل في الإبداع عند توافر الإمكانات، والفضل كلُّه يكون عند ابتكار الأسباب التي تُحقّق الإبداعَ مع ضعف الإمكانات، وكان يمكن لقناة أبوظبي الرياضيّة أن تثبتَ هذه المقولة بالقليل من الجهد والمال.