اختار قاموس "أوكسفورد" البريطاني كلمة "بعد الحقيقة" ككلمة دولية لهذا العام. فمنذ استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ووصولا إلى الانتخابات الرئاسية الأميركية، باتت الكلمة مرتبطة بمصطلح آخذ في الانتشار، تستخدمه الصحف ودور الإعلام الكبرى، ونمت بالتالي المخاوف بين الناس بأنهم يفقدون التعريف المشترك لما هو صحيح.
ومثل الأعشاب الضارة في الحديقة، غالبا ما تقدم مواقع الإنترنت عناوين تتعمد الإثارة والانفعالية، وتنتشر إشاعات لا أساس لها من الصحة، ومع ذلك توصف بأنها "حقيقية"، مما يُعد مزاحمة وتهديدا لمصادر الأخبار التقليدية.
قبل بضع سنوات كان هناك "مذيع أخبار وهمية" يدعى ستيفن كولبير أذاع تقريرا في برنامجه "تقرير كولبير" التلفزيوني الكوميدي صاغ فيه مصطلح "الحقيقة" لوصف الأشخاص الذين يفضلون ما يعتقدون وما يريدون أن يكون صحيحا، ويتجنبون المعلومات التي تتحدى معتقداتهم، ويميلون إلى تلك الأخبار المزيفة التي تغذي دوافعهم.
هناك مخاوف بشأن أنباء وهمية تنتشر على مواقع الإنترنت المشروعة. وكثير من الناس يحصلون على معظم الأخبار والمعلومات التي يحتاجونها من مصادر على شبكة الإنترنت، وفي كثير من الأحيان يحصلون عليها من القنوات الاجتماعية، مثل "فيسبوك" أو "تويتر".
وإن فرض الرقابة على الأخبار أو تعيين حكم وسيط لتحديد ما هو صادق وما هو مزيف قد لا ينجح ويعرض حقوق المواطنين و"حرية الصحافة" للخطر، فما الذي يمكن عمله؟
عندما يلجأ الناس إلى الإنترنت يتعيَّن عليهم أن يكونوا على علم بكيفية حماية معلوماتهم الشخصية مثل كلمة السر والبيانات المالية، وأرقام الضمان الاجتماعي. وعليهم أيضا ألا "ينقروا" على كثير من الروابط المشبوهة. وينبغي أن تمتد هذه التحذيرات إلى أولئك الذين يودون الحصول على الأخبار والمعلومات الصحيحة. كما يجب على الآباء مساعدة الأطفال على أن يكونوا مستخدمين متميزين على شبكة الإنترنت، وكذلك يجب على المدارس أن تفعل الشيء نفسه.
هناك بعض الجهود الجارية بالفعل لوضع قوائم في المواقع الإخبارية الوهمية الواضحة، التي يكون دافع كثير منها كسب المال من خلال كتابة أي شيء "فاحش" لجذب انتباه المستخدم. وعلى الرغم من أن وضع هذه القوائم قد يتم بحسن نية، إلا أنه يُعد مشكلة، حيث إن المواقع الإخبارية الوهمية قد تختفي بسرعة في مكان ما لتطفو في مكان آخر تحت مسمى جديد.
إن منح الأفراد الأدوات التي يُمكن أن تساعدهم على اتخاذ قراراتهم بأنفسهم لاختيار الموقع السليم على شبكة الإنترنت، من المرجَّح أن تكون عملية ناجحة. فهناك جهود جارية من قبل العلماء وأمناء المكتبات والمؤسسات الصحفية لتحقيق هذا الهدف.
(كريستيان سيانس مونيتور) - الأميركية